أخبار

الجزيرة نت زارت مخيماتهم.. أوضاع كارثية تنتظر 21 ألف لاجئ سوري بالأردن بعد قرار وقف المساعدات عنهم

تشكل ‏المساعدات المقدمة من برنامج الغذاء العالمي المصدر الرئيسي للدخل ‏بالنسبة لـ83% من عائلات اللاجئين المستفيدة منه والمقدر عددهم بـ527 ألف لاجئ.

أم طارق أمام خيمتها بمنطقة سوق الخضار المركزي شرق العاصمة الأردنية عمان (الجزيرة نت)
أم طارق أمام خيمتها بمنطقة سوق الخضار المركزي شرق العاصمة الأردنية عمان (الجزيرة نت)

أيمن فضيلات – عمَان20/6/2021

تسير مع أبنائها الستة صباح كل يوم مسافة 5 كيلومترات ذهابا وإيابا، تجمع حبات الخضار المتساقطة على الأرض من الصناديق أثناء نقلها في السوق المركزي للخضار شرق العاصمة عمّان، لتعود لخيمتها مساء محمّلة بما التقطته وأطفالها.

تخلط اللاجئة السورية أم طارق الحمصي (53 عاما) ما جمعته من خضار مع ما يتوفر لديها من بقايا طرود غذائية ومعلبات، حصلت عليها من برنامج الأغذية العالمي للاجئين السوريين، تقتات بها وعائلتها مساء قبل النوم، وصباحا قبل الذهاب للعمل من جديد.اقرأ أيضا10 سنوات على اللجوء السوري بالأردن.. اندماج اقتصادي ومشاريع مشتركةينتظرهم مصير مجهول.. الدانمارك تلغي تصاريح إقامات مئات اللاجئين السوريينمع ارتفاع سعر الدولار.. كيف يعيش اللاجئون السوريون في لبنان؟لتحسين أوضاعهم.. 60% من اللاجئين السوريين ينخرطون في العمل بكردستان العراق

سمعت من جاراتها في الخيام المجاورة أن المساعدات الغذائية ستتوقف عنها، ولما تصفحت هاتفها المحمول تفاجأت بوصول رسالة تخبرها أنها وعائلتها ضمن 21 ألف لاجئ سيتم وقف المعونة الغذائية عنهم بدءا من الشهر القادم.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن 21 ألف ‏لاجئ لن يتلقوا مساعداتهم الغذائية الشهرية اعتبارا من يوليو/تموز القادم، وذلك ‏بسبب نقص التمويل الذي أجبر البرنامج على إعطاء الأولوية للاجئين الأكثر ‏احتياجا.‏

تقليل الوجبات

وتحسبا للقادم المخيف، تبدأ أم طارق بخطة طوارئ تشمل جملة من الإجراءات التقشفية، تستهلها بتقليل وجبات الطعام لسبعة أفراد تعيلهم بعد أن تركهم لها زوجها الذي قتل في السجون السورية قبل سنوات.

تقول أم طارق للجزيرة نت “إذا توقفت المساعدات الغذائية سنزداد جوعا على جوعنا، وسأضطر لتقليل وجبات الطعام والاكتفاء بأكل الخضار الذي نجمعه من الحسبة نيئا”.

وتتلقى السيدة الأرملة مساعدات غذائية على شكل تحويلات نقدية بقيمة 105 دنانير شهريا (148 دولارا) لعائلتها، تشتري بها طعاما وأدوية ومواد تنظيف واحتياجات أسرتها المعيشية في خيمتهم البلاستيكية وألواح الصفيح التي يستظلون بها شرق العاصمة عمّان.

حالة أم طارق تكاد تكون أحسن حالا من جارها رشيد المأموني (48 عاما)، فبعدما أصيب بمرض عضال ألزمه الفراش، بات أبناؤه يعملون في ورش للحدادة، ويجرّون عربات ينقلون عليها الخضار بالسوق المركزي.

يقول المأموني للجزيرة نت “بُلّغت بوقف صرف الدعم الشهري بحجة أننا غير محتاجين، وهذا الأمر سيفاقم من معاناتنا، فأنا أحتاج علاجا شهريا بأكثر من 70 دينارا (100 دولار)، ومع ما نتسلمه نعيش حياة الجوع، فماذا سيجري لنا بعد وقفها؟”. ينفق ما يحصل عليه من مساعدات نقدية شهرية من برنامج الأغذية العالمي على أدويته الضرورية، ويعتاش وأسرته بقية الشهر بدنانير قليلة يجمعها أولاده من أعمالهم، على حد قوله.

أزمة برنامج الأغذية العالمي

معاناة اللاجئين السوريين عرضٌ لأزمة نقص شديد في التمويل يعاني منها برنامج الأغذية العالمي في الأردن، ‏حيث يحتاج ‏بشكل عاجل إلى 58 مليون دولار لمواصلة تقديم ‏المساعدات الغذائية ‏لنصف مليون لاجئ حتى نهاية العام، وفق إدارة البرنامج، وإذا لم يتوفر التمويل سيضطر البرنامج لوقف المساعدات عن ربع مليون لاجئ في الأردن.‏

وتشكل المساعدات النقدية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي شريان الحياة لعائلات اللاجئين المقيمين في مخيمي الزعتري ‏والأزرق، حيث يقدم البرنامج ‏مساعدات شهرية بقيمة 23 دينارا (32 دولارا) للفرد، في حين يتلقى اللاجئون المقيمون خارج المخيمات ممن يصنفون بأنهم ضعفاء مساعدة شهرية بقيمة 15 دينارا (21 دولارا) للفرد.‏

بطالة ووقف مساعدات

قرارات برنامج الأغذية العالمي بوقف المساعدات النقدية الشهرية يأتي في أسوأ الأوقات بالنسبة لعائلات اللاجئين التي تكابد من أجل كسب المال، في حين فقد الكثير منهم وظائفهم بسبب جائحة كورونا، وتوقفت الأعمال التي يعملون بها، وفق مختصين.

وبحسب تقييمات برنامج الأغذية العالمي، فإن عدد اللاجئين في الأردن ‏الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي قد تضاعف خلال العام الماضي 2020 ‏ليبلغ 25%، مقارنة مع 13% في 2019 قبل ‏ظهور جائحة ‏كورونا، وهو ما تبلغ نسبته 64% من اللاجئين على حافة انعدام الأمن الغذائي.‏ ‏

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الأردن دارا المصري إن وقف المساعدات النقدية عن 21 ألف لاجئ ممن يسكنون خارج المخيمات يساعد في إعطاء الأولوية للأسر “الأكثر احتياجا”، وسيبدأ العمل بقرار الوقف بدءا من السابع من يوليو/تموز 2021.

‏وتابعت للجزيرة نت أن هذه القرارات “لم تكن سهلة، ولدينا قلق كبير على 4400 أسرة لاجئة قطعت عنها المساعدات”، ورغم حاجتهم الشديدة للمساعدة الغذائية، فإن البرنامج “لا يملك التمويل الكافي لتقديم المساعدة ‏الغذائية لهذا العدد من اللاجئين”.‏

وتشكل ‏المساعدات المقدمة من البرنامج المصدر الرئيسي للدخل ‏بالنسبة لـ83% من عائلات اللاجئين المستفيدة منه، والمقدر عددهم بـ527 ألف لاجئ، وتمثل نسبة من سيتم قطع المساعدات عنهم 4% من عدد اللاجئين المستفيدين من ‏البرنامج.

‏وبحكم أن عائلات اللاجئين المستفيدة من البرنامج هي أكثر الفئات احتياجا، فإن أفرادها يلجؤون إلى إستراتيجيات استهلاكية سلبية قائمة على الغذاء، مثل الحد من ‏عدد الوجبات واقتراض الطعام والاعتماد على طعام أقل جودة وأقل ‏تكلفة.

إضافة إلى ذلك تقوم بعض العائلات بإخراج أطفالها من المدارس وحرمانهم من التعليم وترسلهم إلى العمل، ‏وحتى التسول في بعض الأحيان، لإيجاد مصدر دخل لتلبية احتياجاتهم اليومية.‏

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *