طالبت جبهة الخلاص الوطني التونسية -اليوم الأحد- بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين خلال مظاهرة خرجت وسط العاصمة رغم قرار السلطات منعها، فيما قالت وزارة الداخلية إنها وفرت الحماية للمشاركين في الاحتجاج.
وقال رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي خلال الاحتجاج إن الاعتقالات في تونس جزء من سياسة عشوائية طالت الجبهة والأحزاب والاتحاد العام للشغل، مضيفا “لن نتوانى في النضال من أجل كسر قيود المعتقلين وتحريرهم”.
وطالب الشابي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وكل التونسيين مما سماها القبضة الاستبدادية، مشددا على التمسك بالمسار الديمقراطي والشرعية الدستورية، وأكد أن القضاة يتعرضون للتهديد من السلطة، حسب تعبيره.
وشدد رئيس جبهة الخلاص على أن ما سماه “تحرير البلاد من الاستبداد” يتوقف على وحدة المجتمع المدني والسياسي، معلنا عن تقارب بين جبهة الخلاص وأحزاب أخرى، من بينها الحزب الجمهوري.
وشهدت تونس في الأسابيع القليلة الماضية عددا من الإيقافات والملاحقات شملت نشطاء سياسيين وقضاة ومحامين ونقابيين وصحفيين وإعلاميين، ومن آخر الاعتقالات ما ذكرته حركة النهضة أمس السبت، إذ قالت إن أحمد لعماري عضو البرلمان السابق وعضو مجلس شورى الحركة اعتقل أمس في منزله بمدينة بن قردان جنوبي تونس دون توضيح الأسباب.
تصريح الطبوبي
وأشاد الشابي بتوجيه الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي تحية إلى المعتقلين السياسيين، معتبرا ذلك مؤشرا على أن الحركة السياسية والنقابية ستتوحد من أجل الديمقراطية.
وكان الآلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل قد تظاهروا في العاصمة أمس السبت، وقال الاتحاد إن احتجاجه يأتي للتنديد بما اعتبره استهدافا للحريات النقابية والحريات الفردية والعامة من قبل السلطات، في ظل تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والمعيشية للتونسيين، وفق تعبير هذه المنظمة النقابية الأكبر في البلاد.
وقال الأمين العام للاتحاد -في كلمة أمام المتظاهرين- إن الاتحاد لن يقبل بقمع الحريات مهما كانت النتيجة، وإن الاتحاد العام للشغل قدم رؤيته بشأن خطة الإصلاح الحكومية، لكنه لم يجد آذانا مصغية.
وزارة الداخلية
بالمقابل، أصدرت وزارة الداخلية التونسية بيانا اليوم الأحد قالت فيه إن الوحدات الأمنية تولت اليوم الأحد تأمين ما سمته تحركا احتجاجيا في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.
وأضافت الوزارة أنه رغم عدم امتثال الجهة المنظمة لقرار السلطة الجهوية بعدم الموافقة فإنه تم تأمين المظاهرات وفقا لمقتضيات الأمن والنظام العام
وخلال مظاهرة اليوم تمكن المحتجون من اجتياز الحواجز الأمنية التي وضعتها الشرطة أمام الطرق المؤدية إلى شارع الحبيب بورقيبة.
ورفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى إسقاط ما يصفونه بالانقلاب، واحترام حقوق الإنسان، وتندد بالأوضاع المعيشية في البلاد وفقدان المواد الأساسية وغلاء الأسعار.
وكان والي العاصمة قد رفض قبل أيام السماح بتنظيم المظاهرة التي تأتي بعد يوم واحد من مسيرة احتجاجية نظمها الاتحاد التونسي للشغل.
وذكرت مراسلة الجزيرة في تونس ميساء الفطناسي أن مسؤولا أمنيا خاطب المشاركين في الاحتجاج -في ساحة تجمعوا فيها قبل الانطلاق إلى مكان التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة- بأنه يمنع عليهم التظاهر على شكل مسيرة بموجب قرار سلطات ولاية العاصمة.
جمعية القضاة
ونقلت وكالة رويترز عن جمعية القضاة التونسيين أن رئيس البلاد قيس سعيد أوقف قاضيا مختصا في قضايا مكافحة الإرهاب عن العمل، وذلك بعد قرار القاضي الإبقاء على عدد من الشخصيات في حالة سراح.
وأكدت الجمعية أنه تم إغلاق مكتب القاضي بعد تغيير أقفاله وإحالته إلى المجلس المؤقت للقضاء العدلي تمهيدا لإعفائه من منصبه.
وكانت جمعية القضاة قالت إن تصريحات الرئيس قيس سعيد تجاه القضاة تشكل خطورة وتدخلا مباشرا في التحقيقات.
ودعت الجمعية الرئيس والسلطة التنفيذية إلى الكف عن الإجراءات الانتقامية ضد القضاة، مشيرة إلى وجود ضغوط كبيرة وغير مسبوقة يتعرض لها القضاء على إثر الاعتقالات الأخيرة.
وكان الرئيس سعيد قد قال إن على القضاة المساهمة في معركة التحرير الوطني، على حد تعبيره.
وتعيش تونس أزمة سياسية حادة تلت تطبيق الرئيس سعيد إجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، مما أحدث انقساما حادا في البلاد.
ومن أبرز هذه الإجراءات: إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى تونسية -في مقدمتها جبهة الخلاص- تلك الإجراءات “تكريسا لحكم فردي مطلق”، فيما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسارة ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي، في حين ذهب سعيد -الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات- إلى أن إجراءاته “ضرورية وقانونية” لإنقاذ الدولة من “انهيار شامل”.
المصدر : الجزيرة