مقالات

من يحاسب الدرك ..

لا توجد عندنا في الأردن مسؤولية من دون مساءلة. كل الأجهزة الأمنية، بما فيها الدرك، جزء من السلطة التنفيذية الخاضعة للمحاسبة، سواء من السلطة التشريعية أم القضائية أم الصحافية.

لا توجد عندنا في الأردن مسؤولية من دون مساءلة. كل الأجهزة الأمنية، بما فيها الدرك، جزء من السلطة التنفيذية الخاضعة للمحاسبة، سواء من السلطة التشريعية أم القضائية أم الصحافية. وحتى المواطن الفرد من حقه أن يسائل ويراجع ويحاسب. والسلطة المطلقة، كما تعارف عليها العالم، مفسدة مطلقة. <br/>حاولت قوات الدرك مصادرة الكاميرات وأشرطة التصوير، لكنها لم تفلح مع الجميع. والشباب النشطاء وثّقوا بهواتفهم الخلوية المأساة التي حصلت في الكرامة، وبثوها على شبكة الإنترنت. تماما كما نجح كثير من الصحافيين في الإفلات من القبضة الأمنية ونشر ما حصل. فزمن المصادرة والمنع انتهى إلى غير رجعة، حتى في سورية حيث تقطع الكهرباء والاتصالات لإخفاء بطولات الدبابات والسلاح الثقيل وبلطجة “الشبيحة”. <br/>ما حصل مع الصحافيين والمتظاهرين السلميين تكرار لما تسرده تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان والمنظمات المحلية والدولية المعنية بالحريات؛ إفراط وتعسف في استخدام القوة. الهراوة سلاح مثل الدبابة والرشاش والمسدس، تستخدم ضمن حدود القانون. ما حصل في الكرامة أن السلاح استخدم بشكل مخالف للقانون. بعد فض المظاهرة تم الإفراط في الضرب، وتم الاعتداء على سيارات المواطنين والصحافيين وتكسيرها. وفي الصور شباب يرتدون ملابس مدنية يعاونون الدرك، لا يعرف لأي جهة أمنية يتبعون. اليوم، وبعيدا عن الذاتية، أريد أن أعرف نتائج التحقيق في الاعتداء الذي تعرضت له. لقد سامحت على الهواء من اعتدى عليّ، قبل أن يتصل جلالة الملك ويزورني رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي ووزير الداخلية وغيرهم من المسؤولين. نسامح لكن من حقنا أن نعرف ما حصل حتى لا يتكرر. <br/>لا يكفي مراجعة التقرير الأخير للمركز الوطني لحقوق الإنسان الذي حمّل الدرك مسؤولية ما حصل في دوار الداخلية، نريد من لجنة قضائية مستقلة مراجعة كل التقارير ومحاسبة المخطئ والمقصر. الشاب الذي يضرب لا يخنع ولا يستسلم، يتمرد ويعاند. وفي غياب حياة سياسية، قد يتجه الشباب الذي يتعرض لتعذيب وحشي في الشارع إلى العنف والإرهاب. <br/>تتطور الدول وتحافظ على أمنها من خلال هيبة القانون لا هيبة رجل الأمن. لن نتنازل عن مطلب الحرية، تماما كما لن نتخلى عن مكسب الأمن. والأمن ليس هراوة، بل عملية مركبة معقدة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. وما تحقق من أمن هو محصلة هذه المعادلة وليس بفضل هراوة، ولا يقبل أن تلخص الدولة بها. من حق الناس أن يؤلفوا قصائد مديح بالدرك وباقي الأجهزة الأمنية، ما هو أهم من ذلك أن يمارسوا حقهم الدستوري في المساءلة والمحاسبة. ومن دون الدستور تتحول السلطة المطلقة إلى مفسدة مطلقة. <br/> <br/>[email protected] <br/> <br/>(الغد)</p></div></h4>

About the author

ياسر أبو هلالة

Leave a Comment