قال المتحدث باسم النيابة العامة في تونس محسن الدالي إن النيابة اتخذت قرارات بمنع السفر في حق عدد من المسؤولين بالحكومة السابقة، وأوضح -في تصريح لإذاعة محلية- أن قائمة المسؤولين المعنيين بمنع السفر سيتم إصدارها لاحقا.
كما وضعت وزارة الداخلية القيادي البارز في حزب حركة النهضة والوزير السابق أنور معروف تحت الإقامة الجبرية “من دون تعليل الأسباب”، حسب بيان للحركة.اقرأ أيضاالخلافات الداخلية في حركة النهضة التونسية.. هل تُحدث تغييرا قياديا؟أين المشيشي؟.. حملة تلهب مواقع التواصل بتونسستراتفور: تونس تستعد لأزمة طويلة الأمدمحللون تحدثوا للجزيرة نت.. ما دلالات دعوة حركة النهضة التونسية للحوار؟
وعبرت الحركة -في بيانها- عن رفضها وضع معروف وقضاة ونشطاء وسياسيين تحت الإقامة الجبرية، معتبرة أن هذا الإجراء “غير قانوني”، في حين أوضح الدالي أن القرارات المتعلقة بالإقامة الجبرية قرارات إدارية تتخذها وزارة الداخلية، وفق قانون الطوارئ.
وقالت الحركة إنه “تم إعلام الدكتور أنور معروف الوزير السابق والقيادي بحركة النهضة -من قبل عناصر أمنية- أنه تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، من دون مدّه بنسخة مكتوبة من قرار معلّل وصادر عن وزير الداخلية”.
دعوة لرفع الإجراءات الاستثنائية
وأكدت الحركة تضامنها مع أنور معروف ومع كل ضحايا هذه الإجراءات، ورفضها كل “القرارات التعسفية التي مسّت الحقوق والحريات، بما في ذلك حق التنقل والسفر وحرية التعبير”.
وأعلنت حركة النهضة عن “توجيهها مكتبها القانوني للطعن أمام المحكمة الإدارية في هذا القرار، باعتباره قرارا تعسفيا لم يحترم الإجراءات القانونية”.
ودعت رئيس الجمهورية قيس سعيّد لرفع الإجراءات التي تنتهك أحكام الدستور والقانون والمواثيق الدولية، حسب قولها، كما دعت كل “القوى الديمقراطية والحقوقية إلى توحيد الجهود من أجل وضع حد للحملة الممنهجة التي أضحت تطال قطاعات متزايدة من التونسيين”.
وشغل معروف منصب وزير تكنولوجيا الاتصال من 2016 حتى 2020، وهو من الوجوه البارزة في حزب حركة النهضة.
وكان الرئيس سعيّد أقال هذا الأسبوع وزير تكنولوجيا الاتصال فاضل كريم، وقال إنه “لن يقبل أن تكون الوزارة موضع قدم لأحزاب تريد السيطرة على قاعدة بيانات للتونسيين أو الولوج إلى معطياتها الخاصة”.
واعتقلت السلطات نائبين في البرلمان، وفتحت تحقيقات ضد آخرين، بما في ذلك ما يتصل بمذكرات قديمة تم تطبيقها بعد أن رفع الرئيس الحصانة البرلمانية.
وفي السياق ذاته، نفت النهضة توقيع أي عقد مع مؤسسات خارج تونس لتلميع صورتها أو تلقي أموال من أي جهة خارجية، وشددت على أنها تخضع لإجراءات القانون التونسي، وأن حساباتها وعقودها تتم مراقبتها من قبل محكمة المحاسبات.
وجاء نفي النهضة في ظل اتهامات متداولة للحركة بتلقيها دعما ماليا أجنبيا خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، ومطالبات بمتابعتها قضائيا.
وفي وقت سابق اليوم، تداولت وسائل إعلام محلية أن حركة النهضة وقّعت عقدا مع شركة دعاية في الولايات المتحدة لتجميل صورتها في الخارج، خلال يوليو/تموز الماضي، مقابل 30 ألف دولار.
إقالات وإعفاءات
وتتواصل منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حملة إقالات وإعفاءات طالت عددا من وزراء حكومة هشام المشيشي -المقال هو أيضا- ومسؤولين بارزين، منهم وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان، إضافة إلى وضع عدد من المسؤولين السابقين تحت الإقامة الجبرية.
في السياق ذاته، أفادت مراسلة الجزيرة بأن الرئيس التونسي أصدر أمرا بتكليف علي مرابط بتسيير وزارة الصحة خلفا لمحمد الطرابلسي.
وكان سعيّد أنهى أمس مهام 3 محافظين، ليرتفع عدد من شملتهم الإقالات الرئاسية منذ تاريخ 25 يوليو/تموز إلى 33 مسؤولا.
وقبل أكثر من أسبوع، قرر الرئيس سعيّد إقالة المشيشي، وتولى هو السلطة التنفيذية، وترأس النيابة العامة، وجمّد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب.
ويقول سعيّد إن تدابيره الاستثنائية تستند إلى الفصل 80 من الدستور، وتهدف إلى “إنقاذ الدولة التونسية”، في ظل احتجاجات شعبية على أزمات سياسية واقتصادية وصحية (كورونا).
لكن أغلب الأحزاب رفضت هذه التدابير، وعدها البعض “انقلابا على الدستور”، في حين أيدتها أخرى، ورأت فيها “تصحيحا للمسار”.
طعن جديد
وفي وقت سابق الجمعة، أعلن النائب عن كتلة حزب “قلب تونس” جوهر المغيربي الطعن في قرارات الرئيس سعيد أمام القضاء الإداري.
وقال المغيربي -في تدوينة نشرها عبر صفحته على فيسبوك- “إيمانا مني بعلوية القانون والدستور في بلادنا (…) توجهت اليوم للقضاء الإداري لقول كلمته العليا للفصل في ما أقدم على اتخاذه رئيس الجمهورية من قرارات غير شرعية” في 25 يوليو/تموز الماضي.
وأضاف المغيربي أن “الطعن يشمل خاصة القرارات التي لها أثر مباشر على مركزي القانوني كنائب شعب منتخب، وعلى وضع المؤسسة التشريعية (البرلمان) وأعضائها”.
وأكد أنه لجأ للسلطة القضائية الإدارية “باعتبارها الجهة المختصة بالنظر في شرعية القرارات الصادرة عن رئيس الدولة باعتباره السلطة الإدارية العليا”.
وفي 29 يوليو/تموز المنقضي، تقدم الإعلامي التونسي زياد الهاني بدعوى للمحكمة الإدارية ضد الرئيس، متهما إياه بتجاوز السلطة، إلا أن المحكمة لم تصدر إلى اليوم حكما بخصوص هذه الدعوى.
ضغوط متصاعدة
في غضون ذلك، دعت منظمات مجتمع مدني تونسية -في بيان مشترك- الرئيس التونسي إلى وضع خطة عمل وفق أجندة واضحة ومحدّدة في الزمن وبصفة تشاركية مع القوى المدنية.
وأكدت ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية، وشددت على ضرورة تشكيل حكومة في أقرب الآجال تحترم فيها الكفاءة والمناصفة.
ووقّعت على البيان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وجمعية القضاة التونسيين، والجمعية التونسية للمحامين الشبان، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومنظمات أخرى.
بدوره، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل، وكذلك الولايات المتحدة وفرنسا، الرئيس قيس سعيّد إلى الإسراع بتعيين حكومة جديدة. ويُعِد اتحاد الشغل خارطة طريق لإنهاء الأزمة، ويقول إنه سيقدمها لسعيّد في وقت لم يحدده.
وحذر الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، الأربعاء الماضي، من مخاطر الفراغ الحكومي وتعطيل المؤسسات الحكومية في البلاد، مؤكدا الحرص على نهج الحوار مع جميع الأطراف.
وتعليقا على هذه الدعوات، قال الرئيس التونسي إنه لا عودة إلى الوراء ولا حوار إلا مع من وصفهم بـ”الصادقين”. في إشارة إلى رفضه الحوار مع خصومه الذين انتقدوا قراراته بالسيطرة على السلطة التنفيذية وتجميد البرلمان، ووصفها البعض بالانقلاب.
ويأتي تصريح سعيّد أيضا عقب دعوة مجلس شورى حركة النهضة، أمس الخميس، إلى إطلاق حوار وطني للمضي في إصلاحات سياسية واقتصادية وإنهاء تعليق اختصاصات البرلمان، مع قيام الحركة بالمراجعات الضرورية وتجديد برامجها.
المصدر : وكالات