أخبار

باب العامود.. ساحة مواجهة يومية مع الاحتلال من بداية رمضان

لم تكتفِ الشرطة الإسرائيلية مع بداية شهر رمضان باقتحام مئذنتي المغاربة وباب السلسلة في المسجد الأقصى وقطع أسلاك مكبرات الصوت فيهما، بل نغّصت على المقدسيين فرحة استقبال الشهر الفضيل عبر نصبها سواتر حديدية أغلقت فيها مدرج باب العامود (أحد أبواب البلدة القديمة)، لمنع التجمع في هذه المنطقة، التي تعد المكان الأبرز لتجمع الفلسطينيين.

ومع خروج المصلين من البلدة القديمة عبر هذا الباب تعمدت قوات الاحتلال تفريقهم بإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية، وردّ عليها الشبان بإلقاء الألعاب النارية، واعتقل حتى الآن العشرات إثر المواجهات المستمرة في هذا المكان لليوم السادس على التوالي.اقرأ أيضاإسرائيل تقيد الوصول إلى الأقصى المبارك في رمضانإمام الأقصى يوسف أبو سنينة.. أتهيأ قبل رمضان لصلاة التراويح وهكذا يجب أن يكون إفطار الإمام“رمضانكم مقدسي” في باب العمودقفزة في أعدادهم الشهر الماضي.. هذه طقوس صلاة المستوطنين في الأقصى

الشابة المقدسية هنادي القواسمي قالت للجزيرة نت إن باب العامود تحول في السنوات الأخيرة إلى مركز حيوي واجتماعي وسياسي للمقدسيين؛ فشهد على مدار العقد الأخير العديد من المظاهرات والفعاليات الاجتماعية، وتحول إلى ما يشبه مركز المدينة الذي يلتقي فيه الناس، ويتضاعف الحضور المقدسي في رمضان خاصة.

ضبط وتضييق

وتعتقد هنادي القواسمي أن الاعتداءات تهدف بشكل أساسي إلى محاولة منع هذا التجمع أو ضبطه، لأن المنطق الأمني الإسرائيلي يخشى من أي تجمع فلسطيني قد يُستغل لمواجهة الاحتلال، لكنه أحيانا قد لا يكون معنيا بالمنع التام، وإنما بالضبط والتضييق حتى يصل التجمع إلى شكل يرضيه.

“إسرائيل تقمع الناس في باب العامود بداية عن طريق منعهم من الجلوس فيه، ثم عن طريق مطاردتهم بالقنابل والرصاص المطاطي في المنطقة حتى تقطع أرجلهم عنه”.

الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص قال إن الاحتلال أدرك بعد هبّة باب الأسباط أنه لا بد من تطويق نقاط التجمع الشعبي في القدس، وإعادة هندسة إمكانية التجمع الشعبي في محيط البلدة القديمة حتى لا تتكرر الهبّة نفسها.

وأكد ابحيص أن أكثر بابين حرص الاحتلال على إعادة هندسة مداخلهما هما بابا العامود والأسباط، وكانت الإجراءات في باب العامود أسهل وأقرب لوجود ساحة أمامه، أما باب الأسباط فهو الباب المطروق أكثر والمؤدي إلى الشارع مباشرة، وبالتالي إجراءات حصاره تأخرت قليلا.

وأضاف الباحث المقيم في الأردن أنه بعد هبّة باب الأسباط بنصف عام بالضبط نُصبت غرفة مراقبة أمنية جانبية و3 أبراج مراقبة في الساحة المقابلة للباب، وأضيف برج مراقبة رابع لاحقا، إضافة إلى غرفة مراقبة موجودة في سطح الباب، ووجود الشرطة الدائم عند الباب نفسه؛ وبالتالي تحول الباب إلى ثكنة عسكرية.

“الثكنة محاولة لأخذ هذا الحيز من المجتمع المقدسي ومنعه من التجمع فيه أيا كان هذا التجمع، وتحويله إلى نقطة تجمع محمية، وغالبا ستصبح للمستوطنين؛ لذلك نرى المستوطنين عندما يذهبون لاحتفالات يوم توحيد القدس مثلا يتعمدون الاحتشاد في باب العامود تحديدا، لأنه تحول إلى حيز محمي وآمن نسبيا”.

وبناء على هذه المعطيات يرى ابحيص أن أي معركة على باب العامود هي معركة مهمة على الحيز المحيط بالبلدة القديمة، ومعركة مهمة على قلب المدينة وهويتها، بغض النظر عن موقف أي كان من الممارسات الاجتماعية التي يقوم بها من يتصدرون المواجهة اليوم في المكان.

بدوره، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إن أهدافا إستراتيجية كانت وراء تحويل باب العامود إلى ثكنة عسكرية عبر نصب نقاط دائمة للجنود ونظام كاميرات مراقبة متكامل يرصد أدق التحركات في المنطقة ومحيطها.اعلان

وأضاف أن “المقلق هو المحاولات المستمرة بحجج مختلفة لتجفيف وصول المقدسيين إلى البلدة القديمة وتخويفهم وإرهابهم عبر تعمد استفزاز الشباب لاندلاع مواجهات يومية كما نشهد حاليا”.

عشرات المعتقلين

وعمّا إذا كان باب العامود سيتحول لساحة مواجهة يومية في رمضان الحالي، أكّد الحموري أن هناك بذور انتفاضة دائما في القدس، وأن المقدسيين محتقنين نتيجة الإجراءات الإسرائيلية التعسفية اليومية بحقهم، وأنهم جاهزون للمقاومة بلا حدود في كل مرة يشعرون فيها بأن المحتل يحاول قطع تواصلهم وسلخهم عن هويتهم ومقدساتهم.

المحامي المقدسي حمزة قطينة أشار إلى أن عشرات الشبان اعتقلوا منذ اليوم الأول في الشهر الفضيل حتى الآن على خلفية المواجهات التي اندلعت في محيط بابي العامود والساهرة، وأن جزءا منهم أفرج عنه بشروط، في حين عُرض آخرون على المحكمة وتقرر تمديد اعتقالهم.

وفي تعقيبه على الأحداث الأخيرة، قال للجزيرة نت إن الشرطة الإسرائيلية منذ بداية رمضان تقوم بتصرفات استفزازية من شأنها زيادة الاحتكاك مع الفلسطينيين في محيط البلدة القديمة، كمنع أهالي المدينة من الجلوس في باب العامود رغم أنه المكان الأساسي المعتمد منذ عشرات السنين لتجمع المقدسيين خاصة خلال رمضان.

“الشرطة والجنود المدججون بالسلاح يستفزون الشبان عبر إجراء تفتيش مهين وغير مبرر لهم أمام المارة، الأمر الذي يغضبهم ويؤدي إلى احتكاك يتطور إلى مواجهات، وتسارع الشرطة إلى استخدام العنف والقوة المفرطة دون مراعاة وجود عدد كبير من الأطفال والنساء في المكان، والهدف الواضح هو تفريغ البلدة القديمة وتخويف المقدسيين من التوجه إليها وإلى المسجد الأقصى”.

يذكر أن عددا من المستوطنين المتطرفين -بينهم أعضاء بالكنيست- دعوا اليهود إلى التوجه إلى باب العامود لمساعدة الجنود والشرطة في التصدي للشبان المقدسيين، ومن بين هؤلاء المتطرف نتسي جوفشطين الذي نشر تغريدة جاء فيها “تلقينا وعودا بتغيير الوضع في باب العامود، أعضاء كنيست وعدوا، سننتظر ونرى، أتواصل معكم في الأيام القريبة، وإذا لم يتغير الوضع سنتواجد يوم الخميس هناك”.المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *