أخبار

تونس.. جدل دستوري بسبب تزامن استقالة الفخفاخ مع لائحة لحجب الثقة عنه

تتواصل الأزمة السياسية في تونس في منحى تصاعدي بعد تقديم رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ استقالته، مستبقا إجراءات سحب الثقة منه في البرلمان، في وقت اختلفت فيه تأويلات الخبراء الدستوريين لما بعد هذه الخطوة.

وتعد حكومة إلياس الفخفاخ الـ١١ منذ ثورة 14 يناير/كانون الثاني2011 ، لكن يجمع مراقبون على أن طريقة استقالة الفخفاخ والتي أعقبتها خلافات حادة بين مكونات الائتلاف الحكومي وصراع بين البرلمان ورئاسة الجمهورية على الصلاحيات لم تعرفها تونس قط.

المستقيل لا يقيل
وزادت إقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لوزراء النهضة الستة بعد ثلاث ساعات من تقديمه استقالته في تصاعد حدة الاحتقان، حيث اعتبرت النهضة أن هذا الإجراء “انتقامي” وليس له أي سند دستوري طبقا لمقتضيات الفصل 98 والذي ينص على أن “استقالة رئيس الحكومة تعد استقالة للحكومة بكاملها”.

ووصف رئيس كتلة قلب تونس في البرلمان أسامة الخليفي إعلان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ استقالته بعد إيداع النهضة وائتلاف الكرامة والمستقبل وقلب تونس لائحة سحب الثقة منه لمكتب المجلس، بأنها “محاولة للتحايل على الدستور” و”فضيحة دولة”.

تشغيل الفيديو

سقوط لائحة اللوم قانونيا
ويقول الخبير في القانون الدستوري رافع بن عاشور للجزيرة نت إن عرض لائحة اللوم ضد رئيس الحكومة لم يعد لها أي معنى قانوني ولا دستوري وتجاوزها الزمن.

وشدد على أن لائحة اللوم المقدمة من الكتل البرلمانية بهدف سحب الثقة من رئيس الحكومة يشوبها “إخلال إجرائي جسيم” يتعلق بعدم تنصيصها على رئيس حكومة بديل بحال تم التصويت عليها في البرلمان بحسب مقتضيات الفصل 97 من الدستور.

وينص هذا الفصل على إمكانية التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة، بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث أعضائه على الأقل، كما لا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضيّ 15 يوما على إيداعها لدى رئاسة المجلس.

ويشترط لسحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في التصويت نفسه.

وبخصوص السيناريوهات المتعلقة بما بعد استقالة حكومة الفخفاخ، اعتبر الخبير الدستوري أن المبادرة التشريعية عادت لرئيس الجمهورية قيس سعيد لتكليف الشخصية الأقدر بالتشاور مع الأحزاب والمنظمات الوطنية في أجل أقصاه ١٠ أيام.

ولفت بن عاشور إلى أن الدستور منح الشخصية الأقدر لرئاسة الحكومة مهلة شهر لتكوين الحكومة الجديدة ومن ثمة عرضها على تصويت مجلس النواب قصد نيل الثقة.

وحذر الخبير الدستوري من سيناريو عدم حصول الحكومة الجديدة على ثقة البرلمان ومن الوقوع حينها في “مأزق دستوري” حيث أن الدستور لم ينص صراحة على الإجراءات المعتمدة في مثل هكذا وضعية بعد استقالة رئيس الحكومة.

ولفت إلى أن وضعية حل البرلمان التي نص عليها الفصل 89 من الدستور التونسي تتعلق أساسا بالحالة العادية المتعلقة بعدم منح البرلمان الثقة للحكومة، وبعد مرور ٤ أشهر على التكليف الأول، حيث يمكن حينها لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة.

وشدد بالمقابل، على أن الدستور نص في فصله 77 على عدم إمكانية حل مجلس النواب خلال أشهر الستة الأولى التي تلي نيل أول حكومة ثقة المجلس بعد الانتخابات التشريعية، وكانت حكومة الفخفاخ قد نالت الثقة في 27 فبراير/شباط الماضي.

“روح الدستور”
من جانبه، يذهب الأستاذ في القانون الدستوري خالد الدبابي في حديثه للجزيرة نت للقول إن حكومة إلياس الفخفاخ باتت بعد استقالتها حكومة تصريف أعمال تؤمن استمرارية الدولة وتسهر على إدارة مرافقها العمومية بانتظار تعيين رئيس حكومة جديدة.

وشدد على أن الدستور التونسي يمنح شهرا بيد رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة جديدة والذهاب بها للبرلمان لنيل الثقة.
ولاحظ الخبير الدستوري أن الإشكال المطروح يتعلق بفرضيتين اثنتين تتعلق الأولى بحالة عدم منح البرلمان الثقة للحكومة الجديدة، وتتعلق الثانية بعدم قدرة الشخصية الأقدر على تشكيل فريق حكومي متكامل.

تشغيل الفيديو

واعتبر أن الفصل 77 من الدستور يحجر على رئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب قبل انقضاء 6 أشهر على تاريخ نيل الحكومة الحالية ثقة البرلمان، أي 27 أغسطس/آب 2020، متسائلا مدى إمكانية أن يتجاوز رئيس الجمهورية التحجير الزمني المنصوص عليه.

وأقر الخبير الدستوري بوجود أزمة حقيقية تتعلق بالدستور والتي تحتوي فصولا متناقضة، وفق تعبيره، تزيد من تعميق الأزمة السياسية.

ودعا الدبابي رئيس الجمهورية للارتكاز على ما يسمى بـ”روح الدستور” وذهابه إجباريا لحل البرلمان إذا فشلت الحكومة في نيل الثقة أو فشلت الشخصية الأقدر في تكوين الحكومة، وهو أمر متعارف عليه ومعمول به في الأنظمة الديمقراطية، وفق قوله.

يشار إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد وجه مساء أمس رسالة إلى رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي لمده بقائمة الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية قصد إجراء مشاورات معها، وذلك طبقا لما ينص عليه الفصل 89 من الدستور، بهدف تكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة، بحسب بيان رئاسي.
.المصدر : الجزيرة

هل تريد التعليق؟