مقالات

“أفلام “أنصار بشار عن “الفيلم المسيء”

 يمكن بسهولة التمييز بين العواطف الصادقة للأكثرية الساحقة المحبة للنبي الكريم عليه السلام وبين العواطف الكاذبة التي تستغل الأولى لحسابات سياسية رخيصة. ولعل الأسوأ استغلالا جماعة بشار، لكن لا خطورة كبيرة من نظام مجرم منبوذ قياسا بخطورة جماعات حاضرة بقوة في الوجدان ولها صدقية. وتلك الجماعات سواء كانت إخوانية أم سلفية أم غيرها.
   لقد كشف الفيلم وردود الفعل عليه جهلا فاضحا متبادلا، فالأميركيون لا يفهمون هذا الهياج، والمسلمون لا يفهمون هذه الإساءة. فالأميركيون يفهمون اليوم لماذا تقاتلهم طالبان على مدار الساعة ولماذا قاتلهم العراقيون ولم ينثروا الورود بوجوههم، لكن أن يقتل سفيرهم في بلد ساهموا في تحريره من الطاغية، ولم يتواجدوا فيه قوة احتلالية، كما العراق، فتلك ليست شجاعة.
   علينا أن نراجع بشجاعة وجدية تاريخ صراعنا مع الأميركيين، فالصراع معهم ليس لأنهم يسيئون للنبي عليه السلام، بل لأنهم يدعمون بالسلاح والمال قوة غاشمة تحتل أرضنا ومقدساتنا، وتشرد أهلنا. فالأفغان ومن ساندهم من مجاهدين عرب تحالفوا مع الأميركان ضد الاتحاد السوفيتي باعتباره قوة احتلال. وقاتلهم الأفغان عندما تحولوا إلى قوة احتلال، تماما كما قاتلهم العراقيون.
    الطريف في أفلام جماعة بشار (في الأردن ثلاثة مقالات على الأقل تحدثت بهذه اللغة)، أنهم يقولون للأميركان نحن أفضل لكم من هؤلاء المتطرفين والإرهابيين. وينسون أن أول استهداف للسفارات الأميركية كان في بيروت برعاية المخابرات السورية. والمخابرات الجوية حاولت تفجير طائرات مدنية أميركية قبل القاعدة، والنظام الليبي فجر طائرات مدنية أميركية قبلها أيضا.
 من المعيب والمهين أن يتصرف أدعياء القومية واليسار بطريقة “نحن عملاؤكم”، والمعيب أكثر أن يحاول الأحرار قطع الطريق عليهم بالقول لا نحن نقوم بهذه المهمة. إن الأحرار هم الأقدر على صياغة علاقة متكافئة مع أميركا والغرب، علاقة تحترم الاختلاف لكنها لا تقبل بالظلم والاحتلال. في “الفيلم المسيء” نستطيع أن نقول إننا مع جهد فكري يؤدي إلى إجماع عالمي كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يؤكد
عدم إهانة الأديان وحماية الرموز والمقدسات. لكن ليس من حقنا أن نطالب الأميركيين بإلغاء التعديل الأول في دستورهم الذي ينص “يحظر على مجلس الكونغرس تشريع أي قانون يؤدّي إلى دعم ممارسة أي دين، أو تشريع أي قانون يؤدّي إلى منع ممارسة أي دين، أو تشريع أي قانون يؤدّي إلى تعطيل حرية الكلام أو النشر الصحفي أو حق الناس في إقامة تجمعات سلمية أو إرسالهم عرائض إلى الحكومة تطالبها برفع الظلم”.
    المفارقة أن هناك مقابل الفيلم السينمائي المسيء مئات مقاطع الأفلام الحقيقية التي توثق إهانة زبانية النظام السوري للنبي محمد وللقرآن وللمساجد، على سبيل المثال المسجد العمري الذي انطلقت منه الثورة في درعا محتل من الجيش إلى اليوم ولا يرفع فيه أذان ولا تقام فيه صلاة، هل فعلها الأميركان عندما احتلوا العراق؟ نعم ارتكبوا جريمة الحصار وجريمة الاحتلال لكنهم لم يفعلوا ما فعله النظام السوري. ومعتقلو سورية يتمنون لو أن معتقلاتهم ترتقي إلى مستوى أبو غريب أو السجون الإسرائيلية. ذلك كله لا يزين الاحتلال أو الهيمنة. ولكنه يزيل الستارعن أبشع نظام استبدادي عرفته المنطقة. لا يحتاج نبي الرحمة ومن يحبه إلى سفاح يدافع عنه. وقد خاطبه الله بقوله ” إنا كفيناك المستهزئين”، ولكن يحتاج الشعب السوري إلى من يوقف نزفه.

هل تريد التعليق؟