في كتاب “من بلاط الشاه إلى سجون الثورة” يكشف المفكر الإيراني ناراجي كيف كان شاه إيران أوثق حلفاء الغرب وإسرائيل يعتقد أن الغرب يتآمر عليه، وربما تيقن من ذلك بعد انتصار الثورة في إيران. ويرتكب الإسلاميون كارثة إذا اعتقدوا أن الغرب عموما وأميركا خصوصا تآمروا عليهم. لكن بمنطق الحسابات المصلحية وجدوا أن الأقل خسارة هو خسارة الإسلاميين لا خسارة الجيش المصري.
صحيح في التفاصيل التي نشرت أن السفيرة الأميركية قبل أسبوع كانت على علم بالانقلاب، وحاولت التوسط بين الجيش والرئيس المنتخب وفشلت. وكانت الولايات المتحدة قادرة على أن تقول للجيش لا، وكان الجيش سيذعن في النهاية. لكنها فضلت كما الجيش أن تأتي الاستقالة من مرسي نفسه، فيريح ويستريح، لكنه فضل الموت على التخلي عن أمانة المسؤولية، وهو ما جعل الطرفين الجيش والأميركان يدفعان كلفة إطاحة أول رئيس منتخب في تاريخ مصر.
تقول الجارديان نقلا عن مراد علي المتحدث باسم الإخوان: “علمنا أنها النهاية يوم 23 يونيو كما أُبلغنا من سفراء الغرب، وقال متحدث آخر باسم جماعة الإخوان إن سفيرة الولايات المتحدة آن باترسون كانت أحد المبعوثين”.
“السيسي كان ينتظر الغطاء الشعبي للانقلاب وأمر بقطع اتصالات الرئاسة مع العالم الخارجي. وأخبر الرئيس بنيته الانقلاب عليه في 23 من يونيو واعطاه مهلة أسبوعا”.
وجد الرئيس المصري المنتخب بحرية لأول مرة في تاريخ مصر نفسه معزولا وتخلى عنه الحلفاء حتى حراسته الشخصية تركت المشهد ببساطة.
وجاء قائد الجيش للرئيس محمد مرسي مع طلب بسيط: تنحَ بنفسك.
“على جثتي!” يوم الاثنين، قبل يومين من إطاحة الجيش به.
توضيحا لا دفاعا عن أميركا، في البلد القائد عربيا حوّل السادات مصر من بلد عدم انحياز ومتحالف مع الاتحاد السوفيتي إلى واحد من أوثق حلفاء الولايات المتحدة. وتكرس هذا التحالف بدخول إسرائيل على الخط قبل ثلاثة عقود بعد السلام معها. أنفقت أميركا مليارات على الجيش المصري إعدادا وتأهيلا ومعدات، وما من ضابط إلا تلقى فيها دورات وشارك معها في مناورات، فهل تضحي بكل ذلك من أجل الإسلاميين؟
الجيش حليف تاريخي مضمون، الإخوان في أحسن الأحوال حليف محتمل غير موثوق فيه، وسريعا ما يتحول إلى عدو في اختبار الصراع العربي الإسرائيلي. وفي التجربة التركية نموذج واضح أن عقدة الصراع مع إسرائيل لا يمكن حلها. مع أن تركيا في النهاية بعيدة.
أميركا باختصار، لم تقم بالانقلاب لكنها كانت قادرة على وقفه. لكن هذا ما لا يفهمه الرأي العام العربي والإسلامي والمصري. أميركا تترك بشار يقتل شعبه لعامين، وتطيح بمرسي الذي لم يقتل ولم يعتقل أحدا لأنها ضد الإسلام. ما يلخص المشهد صورة انتشرت على مواقع التواصل لفتاة متبرجة في ميدان رابعة العدوية تحمل لافتة تقول أنتم جئتم بالسيسي مكان مرسي نحن سنأتي بالظواهري مكان السيسي. لا شك أن أيمن الظواهري كان سعيدا بالانقلاب، فهو يحقق حلمه بفتح ساحات الجهاد التي تربط ليبيا وتونس بمصر وغزة وسورية. ومن الواضح أن درس 11سبتمبر الذي لخصه بوش الابن بأننا ضحينا من أجل الأمن بالديموقراطية في الشرق الأوسط، فخسرنا الاثنين، نسيه أوباما في لحظة ارتباك تاريخي. لم يكن أوباما سعيدا بما حصل، لكن المؤكد أن نتنياهو وبشار الأسد والخامنئي والظواهري وغيرهم كانوا سعداء وكل له سبب للاحتفال.
هل تريد التعليق؟