مقالات

أوباما يثأر للقدس ..لا داعي لغضبة الأمة

انشغلت الصحافة غربية وإسرائيلية بسرد تفاصيل “إهانة” و”تحقير” و”إذلال” نتنياهو بالبيت الأبيض. وباختصار فالرجل بالتعبير الأردني “أقعده المقعد الضيق”. صحيفة ديلي تلغراف رأت في ما تعرض له نتنياهو من “تحقير” دليلا على أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي وصلت بالفعل إلى أعلى مراحل توترها منذ سنوات عديدة، تتدهور على نحو أسرع. وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كان عُرضة “لتقريع مهين” في البيت الأبيض، عندما قدّم له أوباما قائمة من 13 مطلبا لتنفيذها لوضع حد للأزمة القائمة. ومن بين ما احتوته القائمة مطلب أساسي هو وقف بناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقية.

وتسرد الصحيفة ملابسات ما تعرض له نتنياهو من “إهانة “خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي، فتقول إن أوباما خرج من مباحثاته التي شابها التوتر تاركا نتنياهو قابعا في غرفة الاجتماعات بالبيت الأبيض في قلق وغيظ مكبوت، لمّا رأى منه تماطلا في الرد. فكان أن نهض من كرسيه وقال “أنا ذاهب إلى الجناح السكني لأتناول عشائي مع (زوجتي) ميشيل وبناتي”. وأضاف “سأكون موجودا في مكان قريب. أبلغني إذا ما جدّ جديد”.

وتستنتج الصحيفة من هذه القصة أنها تقف شاهدا على ما وصلت إليه العلاقات الأميركية الإسرائيلية من” تدنّ”، بل إنها تذهب أبعد من ذلك لتقول إن الواقعة حيكت على ما يبدو ليُظهروا لنتنياهو كيف أنه “سقط في نظر واشنطن بعد أن رفض الرجل التراجع عن موقفه بشأن الجدل الدائر حول بناء مستوطنات يهودية في القدس الشرقية”. من جانبها، قالت صحيفة تايمز إنه من النادر أن يزور رئيس حكومة أجنبية البيت الأبيض ولا يقف لالتقاط صور تذكارية، وأن يُترك حليف رئيسي وحيدا بينما ينسحب رئيس الدولة المضيفة لتناول عشاء أسري، فتلك سابقة لم تحدث من قبل.

لكن تلك هي الطريقة التي تعامل بها أوباما مع نتنياهو، بحسب تقارير إسرائيلية عن الزيارة التي اعتُبرت، في القدس، أنها كانت “مهينة”، “رئيس وزراء إسرائيل يغادر الولايات المتحدة والخزي والعار والعزلة تلاحقه ليعود وهو أضعف كثيرا مما كان”. لعل هذه العبارة التي وردت في صحيفة هآرتس الإسرائيلية تختزل كل ما قيل عن الزيارة للولايات المتحدة.

وفي إشارة إلى أجواء التوتر، ذكرت “هآرتس” أن نتنياهو ألغى سلسلة من المقابلات الصحافية مع وسائل الإعلام الأميركية، كان من المفترض أن تجري صباح أمس، وذلك للتركيز على معالجة الخلافات الشديدة مع الإدارة الأميركية.

وفي إشارة إلى وصول المحادثات إلى طريق مسدود، ذكر موقع “يديعوت أحرونوت” أن الطواقم الإسرائيلية والأميركية تبحث عن مخرج للأزمة من خلال التوصل إلى “إنجاز بالحد الأدنى”، يكون بمثابة تسوية، ويتيح على الأقل الشروع في محادثات التقارب مع الفلسطينيين.

صحيفة فايننشال تايمز ترى أن نتنياهو على مشارف معضلة توقعها له الكثيرون منذ اليوم الأول لتقلده مهام منصبه العام الماضي. وما لم يتراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن موقفه، فإن نتنياهو سيجد نفسه مرغما على أن يختار بين ضمان استمرار دعم الإدارة الأميركية له، وبين استرضاء شركائه في الائتلاف اليميني في إسرائيل. وتنقل الصحيفة عن دوري غولد، رئيس مركز القدس للشؤون العامة ومستشار الشؤون الخارجية السابق لنتنياهو أن تقديم تنازلات بشأن القدس الشرقية ستعرِّض الائتلاف الحكومي للخطر.

حسنا، نتنياهو يواجه معضلة، وأوباما لا يستطيع أن يقدم للقدس أكثر من ذلك. لكن ماذا عن الموقف العربي والفلسطيني؟ 500 مليون من أجل القدس رصدها العرب في قمتهم، تذكرنا بالبليونين اللذين رصدا لإعمار غزة! وسيجد نتنياهو من يستقبله بعدها لإعطائه فرصة جديدة وإعادة تأهيله عند أوباما، ولن يغادر ساعتها لتناول العشاء مع أسرته غاضبا، سيتعشون معا، ويلتقطون الصور، سيكون أبو مازن مبتسما في الصورة! لأنه حصل على تفويض عربي باستئناف التفاوض.

هل تريد التعليق؟