حاول الإعلام الإسرائيلي وعملاؤه والمخدوعون به تشويه صورة تبادل الأسرى البطولية. فالبطل سمير قنطار وحش بشري هشم رأس طفلة، وذو, الشهداء الأبرار معتوهون يحتفون بالموت. في المقابل تبدو إسرائيل دولة في منتهى الرقة والإنسانية، تهدد مصالحها الاستراتيجية وتخوض حربا مدمرة من أجل استعادة جنديين لم يعرف مصيرهما.
ربما تنجح حملات العلاقات العامة الإسرائيلية المخصصة لها أجهزة وكوادر وأموال في تشويه الصورة لدى المتلقي الغربي. لكنها لن تنجح في ذلك مع المشاهد العربي ولا المشاهد الإسرائيلي اللذين يعيشان حقائق الصراع العربي الإسرائيلي يوميا.
مير القنطار، وبحسب موقع البي بي سي ” ولد عام 1962، قائد عملية أطلق عليها اسم عملية “جمال عبد الناصر” تخليدا لذكرى الرئيس المصري الذي تبنى القضية الفلسطينية ومبادئ الوحدة والقومية العربية. كان الغرض من العملية التي انطلقت في 23 إبريل/نيسان 1978، وشارك فيها سوريان وفلسطيني وقادها القنطار، التسلل إلى بلده نهاريا شمال إسرائيل واختطاف عالم ذرة إسرائيلي هو دان هاران”.
شرعت المجموعة في تنفيذ عملية الاختطاف واقتيد هاران وابنته اينات “بهدف العودة إلى سواحل صور اللبنانية، وتضاربت الأقوال حول وجود البنت مع أبيها فإسرائيل تقول إنها خطفت مع أبيها فيما يصر القنطار في محاكمته على أن الأب أمسك بابنته فاقتيدا معا”.
اكتشف أمر العملية وقتل مسلحان من الأربعة كانت مهمتهما تغطية الاختطاف، وحصل تبادل لإطلاق النار قتل فيه هاران وابنته وأصيب القنطار بخمس رصاصات واعتقل مع رفيقه الذي شاركه في هذا الجزء من العملية والذي أفرج عنه في عملية تبادل سابقة مع الإسرائيليين ولا تزال إحدى الرصاصات الخمس مستقرة في رئة القنطار اليمنى ويعاني بسببها من بعض المصاعب في التنفس.
لم يقبع سمير القنطار في قعر بئر الجغرافيا والمذهب. لم يقل أنا لبناني درزي ما شأني بالفلسطينيين . انفتح على أفق الأمة. وترك أسرة وبيتا ومستقبلا في عملية يصعب أن يخرج منها حيا، على أمل أن يحرر الأسرى المقاومين في السجون الإسرائيلية. لم يكن ناشطا في فصيل إرهابي. جبهة التحرير الفلسطينية عضو في منظمة التحرير الفلسطينية التي يقودها أشخاص مثل محمود عباس وياسر عبدربه .. باركوا عمله. ولم يكن يومها حزب الله موجودا. وتخلوا عنه في مفاوضات الأسرى.
لماذا لا يتساءل العالم عما يفعله عالم ذرة إسرائيلي؟ أي وعد بالدمار يدخره لأبناء المنطقة. عندما يقتل عالم ذرة إسرائيلي يقتل إرهابي. وعندما تقتل ابنته في تبادل لإطلاق النار يكون القاتل هو من رفض التفاوض على إطلاق الأسرى لا من دافع عن نفسه. لو كان قنطار قاتل أطفال لقتل الطفلة ابتداء في بيتها. وإسرائيل في سبيل تحرير جنديين قتلت أطفال قانا، ورون آراد لم يكن يقوم بألعاب بهلوانية في الأجواء وإنما كان يقصف قرى فيها أطفال وشيوخ.
تراجع المد القومي، ولم ينته الصراع العربي الإسرائيلي، انفتح أفق الإسلام في العروبة. وصعد حزب الله. شباب مثل سمير وصلوا إلى مرحلة مثالية تقتضي أن يضحوا بحياتهم في سبيل تحرير إخوانهم في الأسر. عمليات الاختطاف التي نظمها حزب الله وحماس كانت استشهادية بنسبة 90 في المئة، ومن الصعب الحفاظ على حياة منفذيها.
لم يفرح عماد مغنية بمشاهدة إنجازه على الأرض. وعندما زار سمير القنطار قبره أدرك أن ثمة من دفع حياة غالية، وترك أسرة وأما ثكلى وأرملة وأيتاما في سبيل حريته.
نجح عماد مغنية، وفشل عباس في استعادة دلال المغربي ميتة، فماذا عن 11 ألف أسير. لا شك أن صفقة حماس ستنجح في الإفراج عن الكثير منهم .
ليس واجب حماس وحزب الله، إنه مسؤولية الأمة تجاه أبنائها. لا يؤمل أن تخاض حرب لتحرير الأسرى كما تفعل إسرائيل. على الأقل تتبنى قضيتهم سياسيا. وإن انسحب الجانب الرسمي من الصراع العربي الإسرائيلي، فالشعوب لا شك تعيشه لحظة بلحظة.
هل تريد التعليق؟