كتبت مشيدا بقرارك في المرة الأولى بعدم ترشيح نفسك، وعقدت مقارنة بينك وبين الرئيس إميل لحود انتهت لصالحك. لكني اليوم أعتذر، وكنت أود أن أكون في حشود المطالبين بتراجعك عن عدم الترشح. وما يعزي النفس أنك تراجعت وأعلنت خوضك الانتخابات المقبلة؛ لا تتخيل كم كان للقرار من صدى في العالم العربي والغربي على السواء.
صدقني لو لم تتراجع لكنت زعيما تاريخيا بمعنى الكلمة. سوار الذهب الذي سلم الحكم للمدنيين في السودان لم يكن قد تذوق طعم السلطة بعد ولم يدمن عليها. كنت ستدرس للأجيال الناشئة باعتبارك رئيسا في العالم العربي لم تسقطه دبابات عسكره ولا عسكر الأميركيين؛ كنت ستدحض نظرية العالم البيولوجي في التغيير. لكن ملك الموت هو الوحيد الذي ينزع الرؤساء عن كراسيهم.
أثبت أنك زعيم عربي مثل غيرك؛ انقلبوا على الأنظمة الملكية الوراثية فأنشأوا جمهوريات وراثية. كم كنت ستحرج رفاقك في القمة العربية لو فعلتها! أئمة اليمن سيتساءلون في قبورهم، لماذا كانت الثورة علينا إذا حل الثوار أئمة مكاننا.
أعتذر فقد تسرعت، لكن يسجل لك أنك جعلت أمة العرب تعيش في حلم جميل ولو لفترة قصيرة “الإصلاح من الداخل ولا يفرض من الخارج”، كذبة يكررها العرب منذ ضغط عليهم الأميركيون بدعوى الإصلاح، وكانت ستكون ردا عمليا صادقا على الأميركيين لو لم تتراجع.
حسنا، الرئيس سيترشح، وهو ما يعني أنه سيفوز تلقائيا؛ فمن يستطيع منافسة رئيس حكم زهاء عقود ثلاثة؟ بيروقراطية الدولة التي صنعت على عينه من أصغر موظف إلى أكبر مسؤول ستكون معه، والعشائر التي تغاضى عن سلاحها ستكون معه، حتى معتقلي تنظيم القاعدة الذين فروا من السجن سيكونون معه. من سيصوت ضد الأخ القائد؟
ليسمح لي الأخ القائد أن أتمادى، لعلمي بسعة صدر اليمنيين عموما وصدره خصوصا، وللتكفير عن مقالي السابق الذي كتبته في لحظة انفعال هوجاء. أما وقد ترشح، فإني أقترح عليه أن يكمل معروفه؛ فكما فعل الرئيس مبارك يفعل، وليعين لنا نجله أحمد رئيسا للجنة السياسات في حزب المؤتمر.
أما المعارضة، فأنصحها ألا تقدم مرشحا جديا، من ينافس الأخ القائد؟ أقوى أحزاب المعارضة هو التجمع اليمني للإصلاح، هل يرشح أبرز قياداته، عبدالمجيد الزنداني؟ هذا الشيخ الجليل لو فاز فلن يعطى فرصة هنية (على هشاشتها)، بل سيرسل له الأميركيون طائرة من دون طيار مزودة بعدد مماثل للصواريخ التي ضربت مسؤول القاعدة في اليمن، أو سترسله إلى غوانتنامو.
مبارك للأخ القائد سلفا، مع تمنيات بحملة انتخابية شفافة ونزيهة.
هل تريد التعليق؟