مقالات

اعتقالات القاهرة – دمشق: أين أميركا؟

اعتقالات واسعة في صفوف الإخوان المسلمين في مصر. وتأييد الحكم الصادر بحق المعارض أيمن نور، ومساءلة للقضاة. بموازاة ذلك اعتقلت السلطات السورية عددا من المعارضين البارزين من بينهم ميشيل كيلو. هذا ما يجمع القاهرة ودمشق على ما يباعد بينهما في السياسة الخارجية.

مَن وراء هذه الحملة على الإنسان العربي؟ الأنظمة المضطربة؟ أم أميركا؟ أم كلاهما؟ الملوم أساسا الأنظمة. فأميركا ليس لديها ما تخفيه. فمن تريد اعتقالهم أو اغتيالهم تنشر صورهم وفوقها مكافآت مليونية. وليس من بين هؤلاء عصام العريان ولا ميشيل كيلو. على العكس أميركا انتقدت اعتقال أيمن نور وإجراءات أخرى قامت بها السلطات المصرية، وبالوقت نفسه تستخدم ملف حقوق الإنسان في سبيل الضغط على سورية.

ما يدعو للريبة أن حملة الاعتقالات المصرية أعقبت زيارة جمال مبارك نجل الرئيس المصري إلى أميركا وإعلان الأخيرة عن استمرار تقديم المساعدات إلى مصر. في الوقت الذي اعتمدت إجراءات تربط تقديم المساعدات بالتقدم في ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان. فإما أن نجل الرئيس حصل على الضوء الأخضر أو أن مصر أطلقت حملة الاعتقالات بعد قبض المساعدات.

السياسة السورية باتت مفهومة، فهي منذ اغتيال الحريري تعتمد سياسة تصعيدية مع الأميركيين. ولا تراعي متطلباتهم داخليا أو خارجيا. وكأن سورية مستعدة أن تشن حربين معا، حربا على أميركا وحربا على المواطن. غير المفهوم هو الموقف المصري. فالدولة القائدة في العالم العربي لا شاغل لها غير تأهيل السيد جمال مبارك للخلافة. وهو ما يتطلب تمهيد الطريق أمامه وإزاحة ألغام الإخوان المسلمين وكفاية وغيرهما من أمامه.

المحير هو الموقف الأميركي خصوصا عقب الزيارة، هل هم من يمهدون للسيد جمال؟ أم أنهم يغضون الطرف عنه؟  أم أنهم رافضون لما يجري؟ يستبعد أن تدخل أميركا في مسألة خلافية كهذه. خصوصا أن مصر حليف وثيق بمعزل عمن يحكمه. فأي خليفة لمبارك سيظل مضطرا للمساعدات التي تزيد على الملياري دولار. وهو بحاجة إلى دعم أميركا لمواجهة العجز الاقتصادي والسياسي. المرجح أن أميركا تغض الطرف فهي غير معنية بإضعاف مبارك وليس من مصلحتها تقوية خصومه، وهي سعيدة ببقاء الحال على ما هو.

احتمال أن تكون أميركا رافضة لما يجري ليس مستبعدا تماما. فقد يكون السيد جمال سمع كلاما قاسيا من قبيل أن المساعدات والدور الاستراتيجي مربوطان بالتقدم بملف حقوق الإنسان. وربما استفزه كلام ناعم بحق المعارضين؛ من قبيل لينتخب الشعب المصري أيمن نور أو عصام العريان ما المانع؟ فما عاد إلا وقد ضمن وجودهما في السجن!

التوريث قد يكون العلة الوحيدة المحركة للسياسة المصرية. فكل التنازلات في الملفات العربية فلسطينيا وعراقيا تتم في سبيل ضمان الموافقة الأميركية على التوريث. فما علة السياسة السورية المورثة أصلا؟ في الحالين الضحية واحدة هو المواطن وإن تعدد الجلاد!

هل تريد التعليق؟