مقالات

اغتصاب صابرين

هل تحتاج حكومة المالكي إلى فبركة قصة اغتصاب صابرين الجنابي لتشويهها؟ المالكي لا يحتاج إلى تشويه ولا يمكن تزيينه والأميركيون أدركوا ذلك، وهم يحتاجون لبعض الوقت لاستبدال عادل عبدالمهدي به. كما فعلوا سابقا مع سلفه الجعفري. ضعفه أنّه يغطي على المجرمين الشداد الغلاظ الذين ترتكز عليهم حكومته، هكذا بدا في مستهل عهده، ليبدد الصورة بتوقيعه على قرار إعدام صدام حسين وما تلا ذلك من حكاية الإعدام الهمجية.

بأسه تجلى في قصة اغتصاب صابرين الجنابي، في غضون ساعات وفي أسرع تحقيق جنائي، تهون دونه تحقيقات نظام صدام الميدانية، خرج المالكي ببيان يستدعي محاكمته عليه، لم يكتف بتبرئة الجناة، فكرّمهم، و”يا ماحلى جرائم الأميركيين”!

في الكونجو لا يتعامل مع جرائم الاغتصاب بهذه الخفة! الأميركيون استغرق تحقيقهم في واقعة اغتصاب شهورا دانوا بعدها جنودهم. وفي أبوغريب وتدنيس المصحف وغيرهما من الجرائم كانت ثمة تحقيقات استغرقت شهورا. وحده المالكي يحقق في ساعات. مع أن راعي غنم في المنطقة يعرف أنه لا يعقل أن تدعي فتاة اغتصابها، خصوصا أن سمعة قوات الأمن العراقية من السوء بحيث لا تتطلب أي حقائق أو ادعاءات جديدة.

المضحك المبكي في قضية صابرين، وكم في العراق من المضحكات! أن المالكي زعم أن صابرين الجنابي صدرت بحقها ثلاث مذكرات اعتقال، من دون أن يفطن أن الاسم، وهو عمل مشروع في الإعلام، غير حقيقي وأخفي اسمها الحقيقي كما أخفي وجهها حماية لها. ولو كلف نفسه بسؤال المحققين الأميركيين لعرف اسمها الحقيقي.

جرائم الاغتصاب في كل دول العالم النقطة المعقدة فيها هي الضحية. التي تفضل التكتم على ما حل بها صونا لسمعتها ورهبا من جلادها والأهم نفسيتها المحطمة المنهارة. كل ذلك لا يستوعبه المالكي وضباطه المكرمون بأنواط الشجاعة. ما لا يظهر على الكاميرا أشد قتامة وبشاعة.

مثال بسيط عايشته في مكتبي زميل عراقي بقي في بيتهم في بغداد جدته ومربية عجوز رافقت العائلة مذ كانوا أطفالا. أرسل لهم خادمة آسيوية لتقوم على خدمتهم وعين حارسا للبيت. قوات حفظ النظام دهمت البيت ونهبته، الأسوأ تعاقب المقتحمون الأشاوس على اغتصاب الأندونسية التي تقوم على خدمة عجوزين. طبعا لم تلجأ للإعلام لأنها تعلم أنها ليست أميركية حتى تأخذ حقها، والأهم بالنسبة للزميل هو الحفاظ على ارواح  النساء اللواتي كان سيعلن المالكي لو أثير الموضوع ضلوعهن في عمليات إرهابية.

قصة صابرين ليست جديدة لكنها مثل إعدام صدام صورة تفضح همجية حقبة ما بعد الاحتلال. وتتطلب من الإدارة الأميركية أولا وآخرا تحمل مسؤوليتها. فهي قوات الاحتلال التي يحملها القانون الدولي مسؤولية حماية السكان المدنيين. أما المجتمع الدولي فهو مشغول حتى اليوم بمنع السينمات من العمل في الصومال أيام المحاكم الإسلامية، والعرب معتدلهم ومتشددهم في شغل عما يحل في العراق. وكأنه لا يهز مجتمعاتهم هزا.

للتذكير في تحقيقات أجراها الأميركيون مع المعتقلين من المقاتلين العرب المتسللين إلى العراق تبين أن أربعين بالمائة منهم كانت فضيحة سجن أبوغريب الدافع الأساسي لهم. عندما قابلت فهد الفهيقي السعودي الذي كان ينوي تفجير نفسه في مركز الحدود الأردنية العراقية وصدر بحقه حكم الإعدام سألته لماذا ذهبت إلى العراق؟ أجابني بسؤال: الفتيات اللواتي اغتصبن في أبوغريب ألسن أخواتنا؟ واحد اغتصب أخواتك ماذا تفعل؟

على دول المنطقة أن تسهم في إنقاذ العراق، لأن ما يجري فيه ليس بعيدا عنهم. وربما تكون الخطوة الأولى بعزل حكومة المالكي والعمل على إسقاطها. مع أنها تستحق محاكمة عادلة تحاسبها على ما فعلته بالشعب العراقي. الأهم هو موقف الأحزاب السنية التي عليها أن تنسحب ولا تعطي الشرعية لمن يرتكبون هكذا جرائم. يكفي صبرا!

هل تريد التعليق؟