مقالات

الإسقاط الجنسي والسقوط السياسي

لم يكن الرئيس الراحل صدام حسين ديمقراطيا، لكنه امتلك مشروعا للدولة الأول في أفقه القومي.

 في “المسخرة” المتداولة حول رفيق الحسيني مدير مكتب أبو مازن انكشف غياب مشروع الدولة وغياب رجال الدولة.

يروى أن صدام في اجتماع مع سفراء بلده في الدول الغربية أنه قال “النشامى أريد أن ترسل لي صوركم عراة”! لم يكن الرئيس يشجع على الرذيلة، بل كان يريد حماية رجال الدولة من “الإسقاط” وخضوعهم للابتزاز، سواء من دول أو من مركز نفوذ.

في قصة رفيق الحسيني شريطان مسجلان، الأول أرسل إلى حماس، والثاني أرسل للتلفزيون الإسرائيلي القناة العاشرة. وثمة ثلاثة احتمالات، إما أن الشريط مفبرك، أو أن الحسيني أسقط ووقع في الفخ، أو أنه ضبط في إطار سياسة محاربة الفساد التي أعلنها أبو مازن فطاولت أقرب الناس إليه.

رواية الضابط، أن المخابرات العسكرية وثّقت تجاوزات كثيرة للحسيني, ولم يستجب أبو مازن لتقاريرها، إلى أن اشتكت صاحبة معاملة من تعرضها للابتزاز الجنسي من قبله، فطلب منها أن تمضي معه إلى النهاية، والتسجيل يصور عملية الابتزاز من دون الفعل الفاضح الذي لم يقع بسبب اقتحام أجهزة الأمن للمكان. ويقول الضابط إنه عرض الوثائق على قناة الجزيرة ورفضت التعامل معها، فاضطر إلى عرضها على القناة الإسرائيلية العاشرة. في المقابل تنفي السلطة الرواية كاملة، وتعتبرها جزءا من المعركة الإسرائيلية ضدها.

بمعزل عن التفاصيل تكشف “المسخرة” أن أبو مازن لم يعد مقبولا في الدوائر الإسرائيلية الحاكمة، وكان بإمكان الإجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تسلّم الضابط لنظيرتها الفلسطينية مخفورا بتهمة دعم الإرهاب.

ولا يستبعد مسؤولون كبار في السلطة أن يكون رجل المرحلة القادم هو محمد دحلان، مصحوبا بناصر القدوة في الواجهة باعتباره امتدادا لأبو عمار ومسنودا بسلام فياض, ويظل المحرك الفعلي دحلان الممسك بالمال والأمن.

إذن، غدا أبو مازن مطلبا وطنيا! وستكف حماس عن استخدام عبارة “المنتهية ولايته” وستعتبره مشروع شهيد على خُطى أبو عمار، وليبدأ من اليوم بتخزين علب السردين في المقاطعة استعدادا للحصار؟

ليس بعد، بإمكان أبو مازن أن يوقف مرحلة السقوط السياسي من خلال شراكة حقيقية ليس بين فتح وحماس، وإنما مع الشعب الفلسطيني كله الذي لم يتوقف عن توليد القادة. وقد مر الشعب الفلسطيني بظروف أسوأ من هذه وتمكن من تجاوزها.

قبل انتفاضة العام 1987 كان الناس يتزلفون رجال روابط القرى، وهم يتنقلون بالجيبات الإسرائيلية من أجل إنجاز معاملة. وفي شهور تبخرت تلك الطبقة العفنة وغدت مطاردة.

في الأسبوع الماضي نفذ ضابط سابق في أجهزة الأمن الفلسطينية عملا دانه سلام فياض عندما قتل جنديا إسرائيليا طعنا. وفي ظل الاستقطاب الحاد، سنجد الأمن الفلسطيني منقسما بين من يطعنون ومن يصورون. 

هل تريد التعليق؟