مقالات

الإصلاح السياسي والحل السحري

التعديلات الدستورية قيدت كثيرا إصدار قوانين مؤقتة، وهو ما جعل مجلس النواب طريقا إجباريا لأي قوانين إصلاح سياسي. مع أني أعتقد أن التعديلات هي من باب التزيد لا أكثر، والأصل في الدستور الأردني وكل الدساتير أن لا تنتزع السلطة التنفيذية حق التشريع إلا في “ظروف قاهرة” كما في نص الدستور قبل التعديل. واقعيا تم تجاوز الدستور. والاعتداء الصارخ كان في العام 1993 عندما حل مجلس النواب وشرعت الحكومة قانون الصوت الواحد.
في تلك السنة لم يكتف بالاعتداء على الدستور وعلى ركنه الركين مجلس النواب بل تم تزوير الانتخابات أيضا. 
إن الانحراف الكبير عن المسار الديمقراطي الذي ندفع ثمنه إلى اليوم، هو الاستمرار باللعبة السياسية. في ظل النقاش حول قانون الانتخاب واستحالة الوصول إلى قانون توافقي، ينبغي العودة إلى الأصل الدستوري. أي القانون الذي أنتج النظام والدستور، وهو القانون الذي طبق آخر مرة عام 1989.
 في ظل فزاعات “الوطن البديل” والانزلاق في اللعبة الإسرائيلية في الديموغرافيا الفلسطينية، لا رد على ذلك إلا بالالتزام بالأصل الدستوري، أي العقد الذي توافق عليه الآباء المؤسسون.
لا يوجد فرق كبير بين حجم معان ديموغرافيا اليوم وحجمها في عام الوحدة مع الضفة 1950، لكنها أخذت وزنا يعادل محافظة الخليل الأكبر منها تعدادا. وعندما فك الارتباط عام 1988 صارت الخليل جزءا من الدولة الفلسطينية التي أعلنها أبو عمار في الجزائر. هكذا ببساطة.
عندما جرت انتخابات 89 لم يثر مطلقا موضوع  الوزن الديموغرافي، وانتخب الناس وفق ما تعاقدوا عليه منذ العام 1950. فالمطالبة بقانون الانتخابات الدستوري، وهو ما كان يتبناه رئيس الوزراء عون الخصاونة، هو ما يمنع الاستمرار باللعبة الديموغرافية. قوانين الانتخابات في العالم ليست لعبة بيد الحكومات. وفي أميركا قوانين الانتخابات جزء من الدستور، وما حصل عندنا في قوانين الانتخابات عبث دمر الحياة السياسية، فالدائرة الانتخابية كانت تفصل تفصيلا لشخصية سياسية انتهت صلاحيتها. ومن يعبث هكذا هو من أعطى ذرائع لدعاة التزيين الديموغرافي.
 منذ عام 1993 والانتخابات تزور بالتشريع غير الدستوري، وبترتيب الدوائر وفي العبث بالصناديق. إلى أن وصلنا للدوائر الوهمية، عبث كهذا لن ينتج إلا ما نراه. لا أستطيع فهم مجلس النواب. ولا نستطيع ملاحقة أعاجيبه وغرائبه، نائب يعتدي على الصحافة، وقبلها بيان هادر يستعير لغة معمر القذافي في الهجوم على عملاء “الصهيونية والاستعمار”.
هؤلاء العملاء هم الإخوان المسلمون الذين كان منهم رئيس مجلس النواب!
الحل السحري، هو العودة إلى الأصل الدستوري، أي ما يعرف بقانون 89. سواء مر على مجلس النواب أم لم يمر.

هل تريد التعليق؟