مقالات

الانهيار في مصر لمصلحة التيار الجهادي

لدي ألف انتقاد على الإخوان المسلمين في مصر؛ فكرا وسياسة وممارسة. لكن في ظل الاستقطاب الحاد الدموي ضدهم، وتصدّر “الفلول” و”البلطجية” لمسيرات خصومهم، لا تملك إلا أن تكون في صفهم. فخلافا للمرحلة السابقة، لم يعد “الفلول” يخجلون، وصارت صور حسني مبارك ترفع في ميدان التحرير بالتزامن مع عودة أخلاقيات وسلوكيات بلطجية الحزب الوطني؛ بالتحرش والاغتصاب والقتل وحرق المقرات. <br/> <br/>الإجابة عن سؤال اليوم التالي في مصر واحد من خيارات كلها سيئة. لقد نجحت الثورة المضادة في تحويل حياة المصريين إلى جحيم؛ من الكهرباء، إلى أزمة السير، إلى الوقود.. والأخطر من ذلك إشاعة أجواء من البغضاء والكراهية يعبر عنها بعنف لا يمكن تخيله، بحيث غدا السحل وحرق المقرات عملا ثوريا مشروعا لا يلقى إدانة. <br/>هذا كله لن يدفع بالإسلامي إلى إدارة الخد الأيسر، بل سيستفز موروثا من العنف أنهاه الربيع العربي. <br/> <br/>الأوضاع لا تستقر، وهناك حلف دولي إقليمي محلي عريض لن يستسلم دون إسقاط مرسي، ولو كان الثمن انهيار الأوضاع في البلاد. وربما كان هذا هو المطلوب أصلا، بحيث تكون مصر غير قادرة على البقاء مستقرة. صحيح أن القوى الأساسية؛ محليا الجيش، ودوليا أميركا، لا تسعى إلى إسقاط مرسي، لكنها في المقابل لا تحبه، وليست معنية بالدفاع عنه. في المقابل، وهذا ما يمكن رصده من خلال الإعلام بسهولة، فإن إسرائيل وإيران ودولا خليجية مصرة على إسقاطه، على ما بينها من تناقضات جوهرية. <br/> <br/>لا يحتاج الأميركيون إلى دروس في الديمقراطية بأن مرسي فاز بأكثرية بسيطة، فبوش الابن الذي خاض حروب أميركا في أفغانستان والعراق والعالم، كان قد فاز على منافسه بأربعمائة صوت في ولاية فلوريدا، وكان المنافس قد حصل على مجموع أصوات أعلى لو كان نظام الاقتراع بالتصويت المباشر، وليس عن طريق المندوبين. <br/> <br/>الحياد الأميركي، كما حياد الجيش، يحقق نوعا من التوازن، لكن هذا لا يشكل ضمانة تمنع من انهيار الأوضاع. فالاستقطاب بلغ درجة غير مسبوقة، إلى درجة استهداف مظاهر التدين. وقد سجلت حالات اعتداء على مساجد وملتحين ومنقبات، بلغت مرحلة القتل. وفي أجواء كهذه، من السهل استعادة الخطاب الجهادي للإخوان في ظل تحالف مع الجماعات الجهادية والسلفية في معركة الوجود. ومع أن تلك الجماعات عبّرت عن نضج مفاجئ، إلا أن الظروف تدفعها دفعا إلى العودة إلى العنف. <br/> <br/>كان من منجزات الثورة المصرية وصول قيادي في الجماعة الإسلامية إلى موقع محافظ الأقصر. فالجماعة الجهادية لم تعد تحرّم السياحة، ولا تقاتل السياح، تلك مهمة صارت من تخصص فلول الحزب الوطني التي اغتصبت سائحة في ميدان التحرير، وقتلت طالبا أميركيا في الاسكندرية. <br/> <br/>اليوم، يهمس الجهاديون للإخوان: “ألم نقل لكم أن لا بديل للجهاد؟”. إن الصبر الذي يمارسه الإسلاميون منذ عام لن يدوم، وكل سفك الدماء هذا، وإحراق المقرات والاعتداء على المساجد وحصارها، أوجد بيئة حاضنة للعنف. وتلك ساحة لا يستطيع أحد منافسة الجهاديين فيها. وستتحول مصر إلى مغناطيس للجهاد العالمي أكثر من سورية. هذا ما سيحصل إن انهارت الأوضاع، ولن يجلس الإسلاميون يندبون حظهم. <br/> <br/>إيران ربما تسعى إلى ذلك، لكن هل بعض دول الخليج المعادية لمرسي تسعى لذلك؟ لا شك أن العالم بعد الربيع العربي صار على رأي علماء النفس “لا يدرك كنه أفعاله”! <br/> <br/>[email protected] <br/>الغد</p></div></h4>

هل تريد التعليق؟