في مشهد المظاهرة التضامنية مع القدس والمسجد الأقصى التي انطلقت من مسجد صلاح الدين إلى الرئاسة تجسدت فاعلية الحركة الإسلامية والنقابات مقابل عطل باقي الجسم السياسي الأردني. صحيح أن الحكومة ساومت حتى اللحظة الأخيرة لمنع التظاهرة إلا أنها في النهاية وافقت. لكن من الذي حضر؟ <br/> <br/>باستثناء النائب السابق عن المقعد المسيحي عودة قواس لم أشاهد أحدا من خارج “الجو” الإسلامي، المستقلون مثل ميسرة ملص وصالح العرموطي لا يقلون إسلامية عن الحركة الإسلامية. لم تكن الدعوة من الحركة الإسلامية حتى يتحجج بالغياب، كانت من الملتقى الوطني وهو إطار واسع يضم كل النقابات وكل أحزاب المعارضة. ولم يكن الموضوع خلافيا، فالقدس قضية إجماعية لا تختلف عليها الدولة والمجتمع. <br/> <br/>حتى الأعلام بدت كلها خضراء! لو دعيت ما تعرف بـ”النخب” الفكرية والسياسية لوليمة عرس لشاب فاشل لَتسابقوا على المناسف ولانتظروا الكنافة واحتسوا القهوة غير مبالين بانفلونزا الخنازير. ولو أن عجوزا في الغابرين قضى عن شيخوخة صالحة أم طالحة لاصطفوا يقدمون واجب العزاء! بعدها وفي فندق خمسة نجوم وبدعوة من مؤسسات التمويل الأجنبي يشددون النكير على المجتمع المتخلف العازف عن الانضمام للأحزاب! وعندما يدعون من أجل القدس يفضلون قضاء اليوم مع العائلة في أجواء حميمية. <br/> <br/>في التظاهرة بدت إشكالية الحركة الإسلامية المتفردة بقيادة الجماهير، نقيب المهندسين عبدالله عبيدات دعا الحكومة التي بدأت بسن القوانين المؤقتة بدعوى المصلحة العامة إلى سن قانون مؤقت يلغي قانون الاجتماعات العامة، مستدركا أنه ضد القوانين المؤقتة. وهذا منطق فأول قانون إصلاح سياسي وهو قانون انتخابات 1989 كان مؤقتا، والأهم أن حكومة زيد بن شاكر عطلت تطبيق الفقرة التي تحظر مشاركة الأحزاب غير المرخصة. <br/> <br/>السؤال الذي يلح ويجسد إشكالية الحركة ومدى وعيها بأهمية الحرية: لماذا لا تتظاهر إلا في سبيل القضايا الكبرى غير المحلية؟ لماذا لم تتظاهر احتجاجا على القانون المؤقت الذي يمنع التظاهر؟ يومها تجاوزت حكومة علي أبو الراغب على مجلس النواب المعطل بقدر ما تجاوزت على القضاء الذي أنصف الحركة الإسلامية في قرار تاريخي لمحكمة العدل العليا. <br/> <br/>يومها كان يمكن أن تتظاهر الحركة الإسلامية دفاعا عن الحرية، حرية كل مواطن في الاجتماع من دون وصاية المحافظ دفاعا عن مجلس النواب المغيب بشكل غير دستوري دفاعا عن القضاء الذي لم تذعن الحكومة لقراره وانتزعت صلاحية مجلس النواب في التشريع وسنت قانونا مؤقتا. <br/> <br/>ليس مطلوبا من الحركة الإسلامية أن تتخلى عن القضايا الكبرى وعلى رأسها القدس، لكن عليها أن تؤمن أن الحرية قضية كبرى. ولا تعارض بينهما. فحق الناس في الاجتماع مقدس سواء من أجل القدس أم غزة أم بغداد.. أم علاوة المهندسين. تماما كما ليس مطلوبا من الحكومة أن تقرر ما هي القضايا الكبرى ومتى يحق للناس الاجتماع من أجلها. <br/> <br/>يبدو أن المشكلة الكبرى هي أن الحرية ليست قضية كبرى لأحد، لا للحركة الإسلامية ولا للحكومة ولا لما يسمى بالنخب السياسية والفكرية. <br/> <br/></p></div></h4>
هل تريد التعليق؟