شقيقي أسامة الذي يعمل طبيب أورام في أميركا لم يعرف عن مجزرة الحولة من قناة الجزيرة أو سوريا الشعب، زميله الطبيب الأميركي أخبره بها مبكرا وسأله كيف يمكن أن يتطوع لمعالجة السوريين. فمواقع التواصل الاجتماعي التي برع بها ثوار الربيع العربي لم تتمكن من اختراق مجتمعاتهم التي خضعت طويلا لسلطان الرقيب العتيد، بل تعدتها لتصل بعيدا وعميقا في آن.
صحيح أن الثورة السورية استفادت من التغطية الإعلامية في القنوات العامة كالجزيرة والعربية والبي بي سي وغيرها، وتجندت فضائيات متخصصة في خدمتها كسوريا الشعب وبردى، لكن ذلك كله ظل عالة على الإعلام الحقيقي الذي صنعه وأبدعه الثوار.
مقابل الإعلام الثوري الإبداعي وقف الإعلام التقليدي عاجزا. خصوصا أن النظام صفى مبكرا مكاتب رويترز والجزيرة وباقي القنوات المستقلة، مستبقيا حلفه في الإجرام من قنوات إيرانية وطائفية. لكن كل القنوات العالمية التي لا يشكك في مهنيتها غير مشعوذي النظام السوري تعاملت مع إعلام الثورة الذي ثبت مدى مهنيته وصدقيته فضلا عن تميزه وجرأته.
ولم ينجح النظام في فرض حصاره على الإعلام التقليدي، فقد تمكنت قنوات من كسر الحصار وإدخال مراسليها في ظل تراجع سيطرة النظام على كثير من المناطق. ولعل الخبر الصاعق للنظام سيكون اليوم عندما تبث أكثر التلفزيونات الأميركية مشاهدة أن بي سي تقارير من قلب سورية، أعدها ليس متعاونا من شبكة شام، بل كبير مراسليها ريتشارد الذي قابل أوباما أكثر من مرة. وقد تمكن المراسل من التجول بحرية مع الجيش السوري الحر في مختلف مناطق سورية.
ذلك كله أذكره ردا على محاولات إعلام السفاح النيل مني في حملات منظمة. آخرها أول من أمس في اعترافات لمعتقل وصف بالإرهابي. شخصيا لو اعتقلت لدى المخابرات السورية فسأعترف بقتل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وولي عهد النمسا على الأقل. والزج باسمي في الاعترافات لا يزعجني، بل يسعدني أن نظام السفاح منزعج مني. وهذا ليس بجديد فحتى عندما كنت أعمل في سورية وأقابل كبار مسؤوليها لم أكن أجامل في موضوع الإنسان السوري المظلوم علانية وليس في مجالس الوشاية والغيبة والنميمة، ومواقفي مكتوبة باسمي من العام 1996.
في المقابلة يقول المتهم كما نقل لي ولم أشاهده أنه قابلني في اعتصام عند السفارة السورية مع ريم فليحان، واتفق معي أن يرسل لي أخبارا. المفارقة أن ريم كاتبة سيناريو وهي من الطائفة الدرزية، وهذا ينسف مقولة النظام عن الثورة السلفية الإخوانية الإرهابية. وقد سبق أن تحدثت مواقع الكترونية تابعة للنظام السوري نقل عنها تلفزيون دنيا عن تهريبي سلاحا للمعارضة السورية. يومها ومن قبيل الدعابة كنا في معرض سوفكس للصناعات العسكرية وقام مراسل تلفزيون أبو ظبي الزميل حازم الخطايبة بالتقاط صور مع الأسلحة لي حتى تبتزني بها قناة دنيا، فقمت بنشر الصور على التويتر مهداة إلى قناة دنيا. ولم يكذب أنصار النظام السفاح خبرا وقام محام أردني بنشر الصورة شارحا أن القناة توزع السلاح على مراسليها!
يحسب نظام السفاح أن المعركة إعلامية، وهذا قد يكون صحيحا في البداية، المعركة الآن مكشوفة، لا يشك عاقل بدموية النظام، ولا بعدالة قضية الشعب السوري، الخلاف هو تسليح المعارضة. الأميركيون يخشون انتقال الأسلحة إلى أعداء إسرائيل غير المنضبطين. وهذا ما يبطئ عملية التسليح النوعي. أما ترسانة الجيش السوري بما فيه السلاح غير التقليدي فلم يكن مزعجا لأميركا. وهنا خطورة الربيع العربي. ليست المشكلة في الإعلام المشكلة في التسليح. ويبدو أنها في طريقها للحل. ليس من خلالي بالتأكيد وإنما من خلال المجتمع الدولي الذي أدرك خطورة هكذا نظام على البشر.
هل تريد التعليق؟