لا أحد يصدق أكاذيب إعلام مصري حول وجود أسلحة في ميداني “النهضة” و”رابعة العدوية”، تماما كما لم يصدق أحد أن الطفلة هالة أبو شعيشع كانت تحمل سلاحا، ولا أن كاميرا المصور أحمد عاصم كانت مفخخة. مع نشر هذا المقال، قد تكون “الداخلية” المصرية نفذت تفويض الشعب بفض اعتصامي “رابعة” و”النهضة” وباقي المحافظات. وربما تكون على وشك ذلك. وسنشهد سيلا من صور السلاح في الميادين، وربما يستفاد من تجربة محمد البرادعي في العراق، فيثبت وجود سلاح دمار شامل مخفي في الخيام. <br/> <br/>لن يصدق ذلك أحد. في المقابل، سيكون في الإعلام الرصين الصادق سيل آخر من الحقائق التي تثبت وقوع جريمة في وضح النهار. الأميركيون ليسوا مضطرين لمتابعة المحطات التلفزيونية، ولديهم القدرة على تصوير الميادين على مدار الساعة. كما لديهم مصادر موثوقة في صلب الدولة المصرية. وهذا ليس مهما، فالوضع الدولي يعمل لصالح الحكم العسكري؛ إذ إن العلاقة مع إسرائيل أكثر استراتيجية من أيام حسني مبارك، وكل مواقف أميركا في المنطقة تعتمد أولا على الموقف الإسرائيلي، سواء تعلق الأمر بمصر أم بسورية. <br/> <br/>المعتصمون يبذلون عزيز النفوس في سبيل قضية تستحق التضحية. وهم يعلمون أن السلاح الوحيد بأيديهم هو الشارع، ولن يتركوه. فغير “رابعة” توجد مئات المواقع الاستراتيجية القادرة على شل الحياة في القاهرة. والقامعون منذ اليوم الأول يعرفون أن إراقة الدماء هي السبيل الوحيد لتثبيت الحكم وإنهاء التحول الديمقراطي. <br/> <br/>لنعلم كيف يفكر الانقلابيون، لنستمع إلى الناطق باسم رئاسة الجمهورية أحمد المسلماني، وهو من استكتبوه الخطاب العاطفي لمبارك قبيل التنحي. إذ كتب المسلماني العام 2008، في صحيفة المصري اليوم، في ذكرى مجزرة القلعة: “إنسانيا.. لا يمكن أن يقف أحد مع مذبحة جماعية راح فيها كل من حضر. وإنسانيا لا يمكن أن يقبل أحد وقائع قتل وغدر مفجعة تزاحمت فيها الجثث فوق الخيول وتحت الأقدام”. لكنه بسرعة يتخلى عن الموقف الإنساني: “غير أنني أقف تماما علي النقيض من ذلك الحسّ الإنساني البدائي، لأكون واحدا من الذين يحترمون ويقدرون هذه المذبحة الرائعة”. ويوضح: “إنني واحد ممن يرون أن بعض رؤي الإصلاح والتقدم لا تحتمل ترف الحوار والجدل والإقناع، كما أنها لا يمكنها أن تبقي طويلاً أسيرة حرب باردة بين الرأي والرأي الآخر”. <br/> <br/>”وفي حالة “مذبحة القلعة” كانت مصر أمام خيارين واضحين، خيار التخلف الذي يحميه المماليك بالقول وبالسلاح، وخيار التقدم الذي أتي به محمد علي تعليما وتفكيرا وجيشا وإمبراطورية. كانت المعركة صافية لا لبس فيها، بين عصابات منظمة يقودها حفنة من العبيد، وبين أمل وطني وحضاري جامع لن يبدأ إلا على جثث تلك العصابات”. <br/> <br/>”إنني في ذكري “معركة القلعة” المجيدة، التي انتصر فيها التقدم علي التخلف، والمعرفة علي الجهل.. <br/>وفلاسفة النهضة على أمراء العبيد.. لأتذكر محييا ومقدرا ما فعله الزعيم العظيم محمد علي في تلك الجريمة الرائعة”. اليوم مصر أمام جريمة رائعة، فقط استبدل كلمات السيسي بمحمد علي والإخوان بالمماليك، ورابعة بالقلعة. <br/> <br/>مشكلة من لا يقرأون التاريخ إلا وفق نزوات السلطة، أن المماليك هم السلطة الراهنة التي لا تملك مطلقا مشروع محمد علي. ومستقبل مصر صنعه شباب وأطفال كالورود عز نظريهم في العالم، من مثل خالد سعيد وهالة أبو شعيشع وأحمد عاصم. أما الجنرال السيسي، فآخر نسخة منه شوهدت في أميركا اللاتينية كانت من أبطال روايات ماركيز، وتوجد نسخ نادرة منه في أفريقيا وبلدان الشرق الأوسط. <br/> <br/>[email protected] <br/> <br/>الغد</p></div></h4> |
هل تريد التعليق؟