نشرت الديلي تلجراف البريطانية، أمس، تقريرا بعنوان “جنرالات تركيا متهمون بصلتهم بتفجير اسطنبول في عام 2003”. وفي تفاصيل التقرير، الذي ترفقه الصحيفة بصورة للبريطاني روجر شورت وزوجته فيكتوريا قُبيل مقتله في التفجير المذكور، نقرأ كيف أن ثلاثة من الضباط القادة الأتراك المتقاعدين متهمون بمساعدة تنظيم القاعدة لتنفيذ التفجير المذكور، الذي قضى فيه 60 شخصا. أمََّا عن دوافع الضباط المذكورين لتنفيذ ذلك الهجوم الدامي، فتقول الصحيفة إنهم “كانوا يأملون بزعزعة الحكومة وتمهيد الطريق لانقلاب عسكري في البلاد.”
ولولا استقرار المؤسسات في تركيا قضائيا وأمنيا وصحافيا لكان صعبا إثبات مؤامرة الجنرالات، سدنة العلمانية الأتاتوركية، ولظلت العلاقة بين التطرف الإسلامي والعلماني في إطار التحليل النظري. كما في أكثر الحالات، ففي العراق خدم تطرف القاعدة المتطرفين الشيعة والأميركيين على السواء، وتحولت مقاومة الاحتلال إلى احتراب أهلي كان الخاسر الأكبر فيه العراق عموما والسنة خصوصا.
وفي لبنان استخدمت “فتح الإسلام” بالطريقة نفسها، وفي إحدى نظريات اغتيال الحريري التي تبناها التحقيق الدولي أن انتحاريا عراقيا فجر الموكب، بعد أن ضُلّل بوجود رئيس الوزراء العراقي آنذاك إياد علاوي. وفي المغرب وفي ذروة انتصار التيار الإسلامي المعتدل ديموقراطيا، وقعت التفجيرات العمياء التي استخدمت ضد الديمقراطية وضد الإسلاميين.
أما الجزائر، فقد ألفت كتب ودراسات بعضها من رجال الأمن عن اختراق الجنرالات للجماعات الإسلامية المتطرفة. وفي فلسطين عندما وصلت حماس إلى السلطة بانتخابات نزيهة استخدم ضدها جيش الإسلام في اختطاف الصحافي البريطاني سمبسون، وفي غزة يعلمون العلاقة التي تربط الأمن الوقائي بتلك الجماعات.
ليست المشكلة في الجنرالات، فأولئك مستعدون لقتل أبنائهم لو نازعوهم السلطة، المشكلة في الشباب الأنقياء الأتقياء الذين يضحون بأنفسهم في سبيل مشاريع أعدائهم. ليس مطلوبا منهم أن يرفعوا راية استسلام، بل المطوب منهم أن يدرسوا ثمرة تضحياتهم.
في كتاب “ذكرياتي مع جماعة المسلمين” يكشف المؤلف عبدالرحمن أبو الخير عن تحكم الأمن المصري بتلك الجماعة التي عرفت في الإعلام بـ”التكفير والهجرة”. كان ذلك في السبعينيات قبل أكثر من ثلاثة عقود، وإلى اليوم تتكرر القصص ذاتها على اختلاف الزمان والمكان.
من التبسيط اختزال إشكالية التطرف بالاختراق والمؤامرة، لكنهما عنصران بالغا التأثير، ويجدان تربة خصبة لدى ذوي الحماسة والنوايا الحسنة. وهذا لا يلغي العناصر الفكرية والسياسية الأخرى.
هل تريد التعليق؟