لم يفلح كل الهجوم المنهجي المنظم على مرسي، ولن ينجح بنيامين نتياهو في نزع الشرعية عنه، حتى لو كلف رئيس مجلس الأمن القومي بالتنسيق مع السيناتور الجمهوري راند دول لشن حملة لنزع الشرعية الدولية عن مرسي بحسب ما ذكر التلفزيون الإسرائيلي أول من أمس. كل الحملة المحقة من عناصر وطنية معارضة له وغير محقة من قوى خارجية متآمرة على مصر لم تنجح في إسقاطه، على العكس خرج من معركة الدستور بأكثرية مريحة، ويستعد الإخوان لمعركة مجلس الشعب في الوقت الذي تفكك خصومهم.
وبالمحصلة بإمكان المعارضة الوطنية أن تسقط مرسي من خلال السيطرة على أكثرية مجلس الشعب، وسيكون مكبلا بالسلطة التشريعية في الوقت الذي تقف الدولة العميقة قضاء وإعلاما وجيشا وأمنا ضده. الضربة القاضية التي ستسقط الفكرة التي جاءت بمرسي هي موقفه المتردد من الجهاز الأمني الإجرامي. لا يقبل منه أبدا أن يدين قتل المتظاهرين ويعد بالتحقيق والمحاسبة، عليه أن يشتبك في معركة مفتوحة مع عصابة وزارة الداخلية مهما كانت النتيجة.
تلك العصابة هي التي قتلت خالد سعيد الذي كان شرارة ثورة يوليو، وهذه العصابة هي التي قتلت ثمانية من شباب الإخوان الذين حموا قصر الاتحادية، وهي المسؤولة حصرا عن التنكيل بالإنسان المصري عامة والقوى الثورية خاصة. هذه ليست دولة، إنها عصابات متوحشة تمارس أسوأ أشكال التعذيب في الشارع باسم البلطجة، وتواصل عملها في الأقبية بأشنع وسائل التعذيب.
هذه العصابة هي التي تضرب مرسي الضربة القاضية، ويخرج إما متواطئا معها أو عاجزا عن لجمها، وهو في الحالين مدان. ليس سهلا الاشتباك مع تلك العصابة لأنها ستشيع الفوضى في البلاد وستضرب الأمن والاستقرار والاقتصاد، وستنقض المعارضة على الرئيس باعتباره يسعى لأخونة الداخلية وتسليمها لمليشيات الإخوان. ممكن، وكل معركة لها مخاطرها ولا توجد معارك مضمونة العواقب إلا عند الجبناء.
في فترة رئاسة مرسي كما تشير تقارير حقوقية، توفي معتقلون تحت التعذيب، وتوفي متظاهرون. في الثانية يمكن القول إن ثمة قوى ثالثة من فلول النظام تستخدم البلطجة لقتل متظاهرين، والإيقاع بينهم وبين الشرطة. لكن في حالات التعذيب لا يمكن القول بوجود قوة ثالثة. ويمكن تحديد الجهات المتورطة بقتل الأبرياء وتقديمها للمحاكمة العادلة.
إن جوهر ثورة 25 يناير هو المواجهة بين الإنسان وآلة القمع، إن الإنسان المصري باق وتلك الآلة زائلة، ولا مساومة مع آلة القمع التي كان مرسي شخصيا واحدا من ضحاياها. توجد موازنات صعبة وخطرة لدى من يقف في موقع الرئيس، لكن لا شك أن التجربة القصيرة أثبتت أن آلة القمع قادرة على التكيف حتى في ظل نظام ثوري. يستطيع مرسي بحكم موقعه أن يفاجئ الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) ويصطحب التلفزيون المصري ويتفقد الزنازين ويقابل السجناء. ويصطحب مستشاره القانوني ويدقق في القضايا، وبإمكانه أن يغلق تلك الزنازين أمام التلفزيون، لحظتها تكون روح خالد سعيد وآلاف المصريين من إخوان وغيرهم سعيدة بانتصار الثورة.
ليس مهما أن يحفظ الرئيس كتاب الله، المهم أن يطبق قوله “الذين آمنوا ولم يلبسوا أيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون” والله يزع بالسلطان، مرسي، أكثر مما يزع بالقرآن كما جاء في الأثر. عندما يضرب عصابة الداخلية تكون تلك الضربة القاضية للقوى المتربصة بالثورة في عامها الثاني، وعندما يتردد فإن تلك القوى ستضربه الضربة القاضية، باعتباره استمرارا لعهد التعذيب.
هل تريد التعليق؟