مقالات

اللاجئون السوريون.. فخار لا عار

لم تحرك الحكومة ساكنا إثر تصريحات وزير الصحة التي كشف فيها عن وجود أكثر من مليون مهاجر غير شرعي للأردن. هؤلاء، ومنهم جنسيات آسيوية مثل الفلبين وسيرلانكا، دفع المواطن الأردني أجور استقدامهم جوا وإقامتهم، لينصبوا عليه ويعملوا لحسابهم بلا ضرائب ولا رقابة قانونية، منافسين ابن البلد والعمالة الشرعية عربية وغير عربية. وما يثير الاستغراب، بحسب تحقيقات نشرتها الصحافة ومنها “الغد”، ومن معرفة شخصية، أن هؤلاء معروفون لمراكز الأمن فردا فردا!
هؤلاء تنفذ عليهم قوانين الإبعاد وترتيب الأوضاع قانونيا، بما فيها إعادة حقوق المواطن ومكتب الاستقدام، ولا قضية سياسية ولا إنسانية من ورائهم. في المقابل، وبشكل مشين، يحاول بعض شبيحة النظام السوري تقديم اللجوء السوري بالصورة السابقة. وهذا عار لا يمثل الشعب الأردني الذي وقف مع الثورة السورية من بدايتها، واستضاف -دولة وشعبا- من أخرجوا من ديارهم هربا من موت محقق.
كُتبت قصة فخار أردنية على مدى عام ونصف العام، توثق عند من يجزي الجزاء الأوفى، ويضاعف القروض، لا في المراكز الأمنية ومفوضية اللاجئين والجمعيات الخيرية. أسر فقيرة تقاسمت بيوتها مع أسر سورية؛ أثرياء سخروا عقاراتهم للاجئين، وعلى سبيل المثال أذكر الشيخ سامي الفايز ونضال البشابشة وغيرهما. وشخصيا، أعرف عائلات أمضت رمضان والعيد مع العائلات السورية، وتشاركت معها الإفطار والعيد.
المشاكل تطفو مباشرة إلى السطح، والنجاح يحتاج من يبحث عنه. مصادفة، وأثناء البحث عن مكتب للجزيرة في الرمثا، اكتشفت أن رجل الأعمال أبو حسين الذيابات الذي يمتلك عمارة في الوسط التجاري للرمثا قد تبرع بها للاجئين السوريين، وتكفل بإعالتهم ومتابعة شؤونهم، ورفض أن يتقاضى إيجارا للمكتب لأنه يغطي شؤون السوريين، وفاوضته أن يقبل الإيجار باليمنى ويدفعه للاجئين باليسرى. هذا واحد من آلاف الأردنيين، وليس حالة معزولة.
لا أعلم سابقة في العالم استوعب فيها بلد بحجم الأردن وإمكاناته أكثر من مئة وخمسين ألف لاجئ في بيوت الناس وليس في الخيام. يسجل هذا للمواطن كما للدولة التي تعاملت معهم باعتبارهم أشقاء منكوبين. هذا الأصل، والاستثناء هو مخيما سايبر ستي والزعتري. ومقابل الأمثلة التي تدعو للفخر أذكر مثالا يندى له الجبين حصل في سايبر ستي في ليلة القدر.
تبرع محسنون في إربد بستمائة رغيف شاورما سحورا للاجئين والعاملين معهم. لكن رفض المسؤول الأمني إدخالها بحجة صحية.
لو قام يومها اللاجئون بالتظاهر طلبا لسحورهم، وتصدت لهم قوات الدرك ماذا ستكون النتيجة؟ هي ما كان أول من أمس في مخيم الزعتري. فاللاجئون يتلقون وجبة واحدة ، ليس نقصا وإنما سوء تنظيم من طرف المشرفين ومن طرف اللاجئين. وبالنتيجة الزعتري تحول إلى ملف أمني يقرر فيه رجال أمن لا خبرة ولا علاقة لهم بالعمل الإغاثي والخيري.
الحل وقد اقترب الفرج في سورية أن تشكل لجنة لإدارة المخيم، تقوم بالأساس على وجوه السوريين ونشطائهم من داخل المخيم وخارجه، تمثل أكثر من عشرين ألفا وتحل مشاكلهم بالحسنى. وهم قادرون على اكتشاف الخلايا النائمة وفرز الجيد من الرديء.
من الظلم للأجهزة الأمنية تحميلها مسؤولية عشرين ألف لاجئ لا تنتهي مطالبهم وكلها محقة. ولا يمكن فتح باب التكفيل كما كان في البداية ولا يمكن إغلاقه كما اليوم. لا بد من لجان متخصصة تدرس الحالات وتقرر فيها. فالعائلات التي تضم أطفالا، مثلا، يوجد عائلات أردنية مستعدة لكفالتها، كما توجد عائلات من خارج الأردن قادرة على ذلك، وجمعيات وهيئات دولية وإسلامية وعربية وأردنية.
بشار سيرحل وهؤلاء الباقون في بلدهم لا عندنا. وعلينا ألا ننقض غزلنا معهم ونكمل معروفنا لله لا لغيره.

هل تريد التعليق؟