يوجد فقراء يتضررون من قانون المالكين والمستأجرين، لكن وبغياب الدراسات العلمية، يمكن القول انطباعا ومن الملاحظة الشخصية أن العكس هو الصحيح. وفوق ذلك فإن حل مشكلة سكن الفقراء مسؤولية على الدولة والمجتمع بعامة وليست برقبة المالك الحزين.
وفي نظرة سريعة للمناطق الفقيرة يلاحظ المراقب أنها أقدر على التكيف مع أزمة السكن ومن خلال التمليك لا الإيجار. فالعائلة تبني بشكل متراكم حول البيت الأم، وكل ما يتطلبه العريس الجديد هو” لف” غرفة، والمنافع تظل مشتركة. وأسرع الناس في البناء هم الفقراء الذين يحفرون الأساسات بفؤوسهم ويجبلون ويصبون ويقصرون ويطرشون ولا يدفعون إيجارا لا شهريا ولا سنويا.
كتبت قبل عقد، وكنت مستأجرا، وسبق أن ولدت في بيت مستأجر، داعيا إلى تعديل قانون المالكين الذي يحابي المستأجر ويغبن المالك، ولا شك أن التعديلات التي جرت كانت آنيا ضدي مستأجرا، لكنها على المدى البعيد لصالحي، فتحريك سوق العقار يخدم كثيرا من المستأجرين ويحولهم إلى مالكين. وبفضل التعديلات على القانون غدا الاستثمار في العقار أكثر جدوى. بخلاف القانون القديم الذي حدّ من سوق العقار عندما حول المستأجر إلى مالك.
من تجربة شخصية، كان صعبا على النفس مغادرة البيت المستأجر في جبل الحسين، وكثر نصحوا العائلة بالحفاظ على البيت لغايات الذكرى بما أن أجره زهيد. وذلك الإيجار كان في مطلع السبعينيات يستهلك راتب مدرسة بالكامل. اشترت العائلة بيتا في منطقة أحدث وغادرنا جميعا جبل الحسين إلى مناطق أحدث، مالكين. الدفاع الأساسي لكثير ممن اشتروا شققا أن المستأجر لم يعد ملاكا وأنه يوما سيغادر.
لا شك أن المستأجر صوته أعلى، لكن لندقق بعيدا عن الضجيج، ضابط أفنى زهرة شبابه في القوات المسلحة، وبنى في أرض والده بناء تجاريا، واستأجره صاحب مخبز. يدر المخبز على المستأجر في اليوم على الأقل راتب الضابط في شهر. وفي السكن الأوضاع ليست أحسن، عائلة استهلكت نفسها في القطاع الخاص في الخليج وليس لها تقاعد ولا ضمان، بنت عمارة سكنية في منطقة تحولت إلى تجارية. العمارة استهلكت والمستأجر الذي يعمل في دبي يدفع الفتات للمالك ويبتزه أملا في الخلو. المالك تحت خط الفقر والمستأجر يرتع في دبي !
أسوأ من ذلك بنوك (نعم بنوك) تنعم بإيجار قديم لورثة بأمس الحاجة إلى دخل. طبيب دخله في اليوم يعادل ما يدفعه في العام إيجارا لعائلة مثقلة بالتزامات. في المقابل طبيب شاب يدفع ربع مليون دينار ثمنا لعيادة في شارع ابن خلدون، فأين العدالة؟
ولا يوجد فقير ظل فقيرا من سنة 1970 وهو تاريخ إخلاء المأجور لهذا العام. نتحدث عن أجيال كبرت وتعلمت وعملت. وفي التجاري الأمور محسومة، فلا شركة لم تحقق نموا خلال أربعة عقود يمكنها من شراء عقار أو رفع قيمة الإيجار.
توجد استثناءات تتعلق بمعدمين وفقراء، يمكن أن يتولى المحافظون بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية والأوقاف والمجتمع المدني دراسة مشاكلهم وحلها، وبقدر عال من الشفافية والنزاهة، لكن الأكثرية ليست كذلك. وعليهم ألا يأخذوا النواب بالصوت. والأساس أن يطبق القانون لا أن ندخل في فوضى تشريعية استجابة للوبي المستأجرين الأثرياء.
هل تريد التعليق؟