مقالات

المحاسبة قبل الشفافية

تثير تصريحات وزير العمل حول تأسيس شركة عقارية تشتري مبنى القيادة الجديد أسئلة أكثر ما تقدم من إجابات، تماما كما حدث في قضية الكازينو وغيرها. فالشفافية ليست بأثر رجعي. لا بد من المحاسبة أولا ثم الشفافية. فلا يعقل أن يتم التصرف بالمال العام  بغموض مريب يشرع الأبواب لاتهامات مفتوحة وإشاعات.

 من حق كل مواطن دستوريا أن يسأل عن أموال الخزينة التي هي أمواله، وفي الدستور لا يصرف منها إلا بقانون ولا يجبى لها إلا بقانون. ولا تكفي تصريحات وزير العمل لطمأنته، خصوصا أن أموال الضمان هي أموال مشتركيه أيضا وليست استثمارا خاصا أو شركة لها حصانة الخصوصية.

يقول خبر الوزير” إن الضمان الاجتماعي سيؤسس شركة للاستثمار العقاري برأس مال قدره 100 مليون دينار لتملك موقع القيادة العامة الجديد للقوات المسلحة الأردنية في عمان والمباني المقامة عليه”. طبعا لا يكشف الخبر عن أي دراسات جدوى تثبت صحة قرار كهذا. ولا يجيب إن كان ثمة بيع قد تم والمطلوب إضفاء الصبغة القانونية عليه أم أن الشركة المزمعة ستبدأ بحسب الأصول بإجراءات البيع، فإن ثبت للقيادة أن البيع غير مناسب ألغيت الفكرة وإن كان العكس يتم الشراء أو نقل الملكية بحسب الأصول وبمنتهى الشفافية والعلنية.

غير أن حديث الوزير  يضفى مزيدا من الغموض فـ” شراء أراضي القيادة العامة والمباني المقامة عليها هي مرحلة أولى، سيتبعها تملك جزء من أراضي الخدمات الطبية الملكية في المدينة الطبية في حال قررت الخدمات الطبية ذلك”. السؤال؛ ماذا لو قررت الخدمات غير ذلك؟ ولماذا لا يكون للقيادة الحق ذاته في قرار البيع؟ ولماذا اعتبرالأمر مسلما به وكأن البيع قد تم أصلا؟

يضيف الوزير أن الضمان سيقوم “باستثمار المباني الجاهزة والمزودة بالخدمات والبنية التحتية لجذب استثمارات جديدة ومراكز لشركات اقليمية ودولية تستثمر في المناطق التنموية في المفرق واربد وشركات أخرى ترغب في اتخاذ عمان مقرات لها”. هل يصح كلام كهذا؟  من قال إن الشركات التي تتعامل مع المباني الذكية (سمارت بلدنج) بحيث توزع مكاتبها في مساحات مرنة وفق احتياجاتها  تفضل استخدام مبنى عسكري بمواصفات حلف الناتو؟ وهل بناء مبنى آخر للقيادة في ظل ارتفاع أسعار الحديد والمحروقات ومواد الإنشاء مجدٍ اقتصاديا؟ ومن يضمن لنا ذلك؟. 

وفي أجواء الضبابية ذاتها يتم التعامل مع موضوع ” الكازينو”، فبدلا من طمأنة المواطن على أمواله القليلة من خلال محاسبة رادعة سجلت القضية ضد مجهول، وانبرى مفتي الاستثمار إلى اتحافنا بفتاوى  تطالب بالكازينو مع قليل من الشفافية.

السؤال الكبير: في عهد أي حكومة أعطيت أول رخصة كازينو وكيف؟ فالقمار بمعزل عن الرأي الشرعي فيه محرم قانونا، وحتى يسمح لا بد من تشريع معدل، فكيف تمنح رخصة قبل الحصول على التشريعات اللازمة؟. والسؤال الأهم؛ هناك في لبنان كازينو ولكن أمواله للخزينة فلمن كانت ستذهب أموال الكازينو الراحل، وربما القادم؟

 والسؤال الأخير ما هي بالضبط وبالفلس الأموال التي تكبدها المواطن تعويضا عن إلغاء العقد. فلا يصح في المال إجمالا وفي المال العام خصوصا أن يرسل القول بأنه تم تعويضه بأراض؟ هل وصلت قيمتها البليون أم أقل؟ وما يخشاه المواطن أن يجد كازينوهات بين البيوت، ثم يقال له مالك ومالها؟ فإن قال أخشى أن يبدد الأولاد أموالهم عليها قيل له إنك عقبة في وجه الاستثمار. وفي غمرة ذلك ما ننفك نسمع عن تشكيل لجان بإشراف جهات شرعية وتربوية لدراسة أنجع السبل للحد من انتشار ظاهرة المقامرة في أوساط الشباب!!.

هل تريد التعليق؟