مقالات

الموساد في اليمن؟

 تكشف سيرة المتطرفين وجماعاتهم أنهم الأكثر عرضة للاختراق. فتكوينهم النفسي مبني على اضطراب وعقد تفتح شروخا في نفوسهم تفتح الطريق لأي متسلل. وبقدر ما يكون المتطرف رافضا متمردا لعدوه يكون منقادا مستسلما لوليه. تتقد العاطفة العمياء ويخبو العقل.

 خلص أبو إياد  في كتابه ” فلسطيني بلا هوية ” إلى أن المتطرفين إما ” أغبياء أو عملاء”، وأقام الدليل على نظريته بنفسه، عندما قتله الموساد على يد عميل كان من جماعة أبو نضال أكثر التنظيمات الفلسطينية تطرفا. وهي الجماعة التي تحولت إلى بندقية للإيجار تتداولها أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية.

تكررت تجارب العملاء والأغبياء في الحركات الإسلامية المتطرفة. وفي كتاب عبدالرحمن أبو الخير “ذكرياتي مع جماعة المسلمين” يكشف كيف أن المخابرات المصرية  كانت تتحكم في الجماعة.  وفي غزة تبين كيف صنعت أجهزة أوسلو تنظيمات متطرفة مثل جيش الإسلام أو اخترقته، وصار هو الذي يشرعن قتال حماس باعتبار أنها تشرك في المجالس التشريعية، وهي مهمة عجز عنها جهاز الموساد. وتشكل الجماعات المتطرفة المخترقة حصان طروادة لحماس في وقت تعاني فيه من الحصار والاستهداف الإسرائيليين.

لا نستبعد صحة الأخبار الواردة من اليمن، إن قرئت في هذا السياق، فحسب الحياة اللندنية  فإن الخلية الارهابية التي اعتقلت عناصرها قبل نحو أسبوعين، تنتمي الى تنظيم “الجهاد الاسلامي” في اليمن ولها صلة بجهات استخباراتية اسرائيلية، ما يتوافق مع ما أعلنه الرئيس علي عبدالله صالح. ونقلت عن مصدر أمني يمني أن الخلية الارهابية تتكون من 6 عناصر ويتزعمها عماد علي سعيد الروني المكنى بـ “أبو الغيث المقداد اليماني”. وأضاف ان التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن أظهرت “وجود صلة لها بجهات استخباراتية اسرائيلية”.

وكشف المصدر أن خلية “ابو الغيث اليماني” كانت ارسلت تهديدات الى عدد من السفارات العربية والأجنبية باستهدافها بهجمات ارهابية، بينها سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والامارات. وأشار المصدر الأمني الى ان التحقيقات مع افراد الخلية، والمضبوطات التي كانت بحوزتهم وبينها جهاز كومبيوتر، كشفت وجود مراسلات بين أحد افراد الخلية، ويدعى بسام عبدالله فضل الحيدري، وإحدى الجهات الاستخباراتية في اسرائيل، لطلب الدعم لتنفيذ أعمال ارهابية في اليمن.

تزامن هذا التطور مع كلام يدور في الأوساط الحكومية في صنعاء عن تورط إسرائيل في محاولات تدويل البحر الأحمر وخليج عدن، من خلال صلة بين أجهزتها (الاستخباراتية) وعصابات القرصنة الصومالية التي ظهرت في الشهور الأخيرة. وتسعى صنعاء الى حشد جهود الدول المطلة على البحر الأحمر والحصول على دعم دولي لحماية المنطقة من أعمال القرصنة، تفاديا لتحول القرصنة إلى مبرر للتدويل واخضاع البحر الأحمر وخليج عدن للهيمنة الدولية على حساب سيادة الدول المطلة عليه وفي مقدمها اليمن.

قد يفعلها الموساد، وفعل ما هو أسوأ. غير أن ذلك لا ينفي أن تكون القصة مفبركة من الأمن اليمني لمحاربة تلك الجماعات. وهذا ليس ترويجا لنظرية المؤامرة، فالتطرف والإرهاب له أسباب كثيرة ومعقدة وليس صنيعة للموساد والسي أي إيه.

وسيرتاح بعضهم ويقول: ألم نقل لكم إن الموساد هو من فجر برجي مركز التجارة؟ ولا يكتفي بنعم ويضيف: وهو اليوم الذي ينفذ مؤامرة انهيار الأسواق العالمية. يا أخي بورصة تل أبيب ضحية للانهيار فكيف يؤذي الموساد نفسه؟ هذه الشطارة حتى يبعد الشبهات عن نفسه. من يفكر بهذه الطريقة أخطر من اختراق الموساد.

هل تريد التعليق؟