يتذرعون دائما بالعلاقات مع إسرائيل لإحباط أي تحرك ضد جرائمها المنقولة على الهواء مباشرة. لا أحد يزاود على أوسلو عاصمة النرويج التي كانت عنوانا لمرحلة “العملية السلمية” التي تعيشها المنطقة. وهي لم تقطع علاقاتها بإسرائيل ولا تفكر بإعلان الجهاد عليها.
في البلد الصغير القصي توجد أخلاق وضمائر حية لدى الساسة والنشطاء، لم يمنعهم دورهم التاريخي في “العملية السلمية” من شرف بدء محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين عندما استقبل المدعي العام المحامين الذين يقاضون القادة الإسرائيليين عسكريين وسياسيين على جرائمهم، تماما كما لم يمنع إرث بريطانيا الاستعماري وحاضرها في العراق شرفاء من أمثال جورج جالاوي من كسر الحصار والالتقاء مع إسماعيل هنية. ولم يتردد النائب الشريف في قبول الجنسية الفلسطينية ووصف هنية المحاصر المطارد بأنه “رئيس وزرائنا جميعا”.
ليست العروبة عرقا، وإلا كان عملاء إسرائيل الذين شاركوا في الحرب ونصروها سرا وعلانية عربا، العروبة انتماء وقضية. وفي مباراة كرة قدم لا تستطيع أن تعتبر نفسك “زملكاويا” لأنك ساكن في الزمالك وأنت تشجع الأهلي. والنرويجيون والبريطانيون المشجعون لقضية العرب الأولى فلسطين أكثر عروبة من المتنكرين لها المتآمرين عليها.
يستفيد الشرفاء أنصار القضية من حرب غزة التي أعادت الألق لها, وعرفتها من جديد قضية عادلة بعد أن بهتت بفعل “العملية السلمية” التي أنجبتها أوسلو ووأدت السلام القائم على العدل. وهم يتحركون باتجاهين الأول تصحيح صورة المقاومة من حماس وحزب الله من خلال الانفتاح السياسي العلني عليهما وتصحيح صورة إسرائيل بوصفها كيانا عدوانيا إجراميا من خلال المطاردة القضائية.
مقابل الحراك الغربي تصدم بحراك “عربي” غريب. فقد شكلت الحرب فرصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والتحرك لصالح الضحايا من أبناء غزة وشعب فلسطين. إلا أننا نجد تصلبا غير مفهوم في الحوارالوطني يتحول إلى ميوعة عند التفاوض مع الإسرائيلي وجاءت حملة المطاردات في الضفة ومحاولة اغتيال النائب حامد البيتاوي على يد الأمن الوقائي رسالة واضحة أن قادة في السلطة حربهم مع حماس وليس مع إسرائيل.
بدلا من ذلك لتنشغل السلطة وأجهزتها الأمنية بجمع الأدلة ضد مجرمي الحرب، واحد مثل محمد دحلان قصف الإسرائيليون بيته في الحرب بدلا من الانشغال بالتعريض بحماس يمكنه الاستفادة من علاقاته الدولية وخبراته في التحقيق والمتابعة التي تحققت بعد أوسلو في فضح الجرائم الإسرائيلية.
حسنا، ليعذر الفلسطينيون الذين ما تزال قلوبهم وارمة على حماس التي أخرجتهم من غزة، ماذا عن مصر البلد القائد عربيا؟ لم يكتف بمنع دخول فرق التحقيق من معبر رفح هذا جزء من تاريخ الحرب. اليوم ما معنى كسر الحصار على نتنياهو وعصابته من ليبرمان وباقي المصاريع؟
على الأقل كان بإمكان عمر سليمان أن يتمهل قليلا وينتظر لقاء أوباما مع نتياهو ويعلن كلاما لا معنى له عن “العملية السلمية” ويزور القاهرة بعد واشنطن في سياق حراك موهوم. أما أن يبادر مسؤول الملف الفلسطيني إلى كسر عزلة حكومة متطرفة يخجل منها الإسرائيليون أنفسهم فهذه مرحلة جديدة من الصراع العربي الإسرائيلي.
في شوارع برشلونة شاهدت علما فلسطينيا رسم على بوابة محل مرفقا بكتابات باللغة الكتلاونية (القشتالية) ترجمتها أن اللامبالاة مشاركة في العدوان على الفلسطينيين. العبارات بدت أكثر عروبة من الناطقين بالعربية، وتمنيت لو أن بعض المستعربين يتحلون باللامبالاة، ويتركون المبادرات لغير العرب، بمن فيهم أحمدي نجاد.
هل تريد التعليق؟