في صفحات الفيس بوك والتويتر بدأ الحراكيون والنشطاء بترويج الصور للمسيرة الكبرى التي دعت إليها الجبهة الوطنية للإصلاح، وما إن انتهت المسيرة حتى بدأت الانتقادات لها من جميع الجهات. فالدولة تريد فرض عزلة على الإخوان مستفيدة من المناخ المحلي والعربي، باعتبارهم أداة إقليمية لتخريب البلد، فجاءت الجبهة الوطنية للإصلاح لتعطي غطاء سياسيا لحراك إخواني بنظر الدولة. ولم يكن في المسيرة أي لغة تصالحية لا من جهة الانتخابات ولا من جهة الاعتقالات ولا من جهة استمرارية الحراك. <br/> <br/>والمسيرة بذاتها من حيث المكان والعنوان مرفوضة ابتداء، وخلال أسبوعين لم يسمح بالتواجد قريبا من دوار الداخلية للعشرات فكيف بعشرات الآلاف. وأمام الإصرار على المسيرة لم تجد الدولة بدا من التعامل معها باعتبارها الأقل سوءا، ومنعها كان سيحول دوار الداخلية إلى ساحة مواجهة واشتباك على الهواء. بالمحصلة لم تكن الدولة سعيدة بها لكنها شعرت بعد انتهائها أنها خرجت بأقل الأضرار. <br/> <br/>بالنسبة للحراكيين كانوا الأكثر غضبا، وإحدى الحراكيات عبرت عن خشيتها من التحول إلى “سحيجة” بعد المسيرة. وكان واضحا أن ثمة “انشقاقا” في الهتافات بناء على السقف. كما أن الهتيف الرسمي ضاق بمنعه والتحكم فيه وقطعه. بالمحصلة شعر الحراكيون بالخذلان، فمع أن أحمد عبيدات تحدث بلغة صريحة دفاعا عن المعتقلين ووصف محكمة أمن الدولة بـ”محرقة” أمن الدولة، إلا أن لغته كانت قد افتقرت للعاطفة المتوقعة تجاه معتقلين بينهم امرأة وجرحى. الغضب المكتوم كان عند الإخوان، فهم الذين ينظمون المسيرة من ألفها إلى يائها، وارتفع عدد معتقليهم إلى 60 والجمهور في أكثريته جمهورهم، ومع ذلك يحرمون من كلمة على المنصة. ولا يسمح لشبابهم بحرق البطاقات الانتخابية. فوق ذلك كان تقديم شخصية قريبة من النظام السوري صفعة لهم. لكنهم بالمحصلة أوصلوا رسالة “لسنا وحدنا”. وبحسب قيادي إخواني فإن التحدي هو في الاستمرارية، وعلى حد أن الدولة تراهن على تعب الإخوان والحراك وهي “تعبت قبلنا”. <br/> <br/>المشهد واضح. يوجد حراك شبابي، وهذا الحراك أوصل صرخة احتجاج مدوية. وليس وظيفته تقديم برنامج سياسي مفصل، ولا هو ساع إلى التربع على كرسي تحت قبة مجلس النواب. هذه وظيفة الدولة والقوى السياسية. وعندما نتحدث عن قوى سياسية نتحدث عن الإخوان المسلمين باعتبارهم القوة الوحيدة التي تمتلك تنظيما. الباقي لديهم شخصيات ذات تاريخ سياسي وتجربة. لكن ما هي قدرتهم على حشد ألف متظاهر؟ أو الفوز بمقعد نيابي أو مجلس بلدي؟ في المقابل المعارضة أوسع كثيرا من تنظيم الإخوان، والشارع متجاوز وسابق له. نحن أمام تحولات تاريخية، ولا يزال بإمكاننا أن ننجز أفضل إصلاح بأقل كلفة. ومن الممكن أن نظل نراوح مكاننا، ما يعني خسارة لجميع الأطراف. والأخطر أن ننزلق للفوضى. لنتوقف عن الحديث عن معركة دمشق وهي أقرب إلى عمان من العقبة، وعن قرارات مرسي، ولنفكر بأنفسنا قليلا. <br/> <br/>لقد قدم أحمد عبيدات الحد الأدنى الذي لا يرضي أحدا في النهاية، لكنه محصلة التوافق. الخطوة الأولى الإفراج عن المعتقلين الثانية التوافق على قانون انتخابات. عام 89 لم يكن لدينا عصا سحرية. كل ما جرى أنه جرت الانتخابات وفق القانون الدستوري الذي عرفته البلاد منذ كتابة دستورها. وغض النظر عن المادة التي تحظر ترشيح الحزبيين. وبعد الانتخابات أقر الميثاق الوطني. يرفض الإخوان وحلفاؤهم في الجبهة الوطنية شعار إسقاط النظام الذي رفعته بعض الحراكات، ليس قناعة لدى جميعهم بل هو قراءة واقعية بأن هذا غير وارد. في المقابل هل يدرك المسؤولون بعد عامين أن إسقاط المعارضة أيضا غير واقعي. لا تستطيع قوى أن تدّعي تمثيل الشارع إلا بانتخابات نزيهة، أو استفتاء نزيه. من يريد التوافق، عليه أن يتحلى بالقدرة على التنازل، وقد قدم أحمد عبيدات سلما للنزول عن الشجرة للدولة والمعارضة. وإن لم يستخدما السلم سنبقى نراوح مكاننا ونراكم الخسائر، في السياسة والاقتصاد على السواء. <br/> <br/>[email protected] <br/>الغد</p></div></h4> |
هل تريد التعليق؟