نقترب من الموعد السنوي للثورة السورية التي انطلقت شرارتها في درعا 18 – 3 من العام الماضي. وبعد كل حملات التطهير والإبادة والمجازر، ما يزال ثمة من يتحدث عن المؤامرة والتدخل الخارجي، مع أن نظام بشار كان سيسقط خلال أيام لو كان ثمة فعلا مؤامرة وتدخل خارجي. فالجيش السوري يصلح لقصف مدنيين عزل أما مواجهة طائرات الإف 16 فتلك مهمة ليست له، حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق بيت الرئيس بشار وقصفت المشروع النووي في دير الزور وإلى اليوم تحتفظ سورية بحقها في الرد في الوقت المناسب الذي لا يأتي. أما مواجهاته مع الجيش الإسرائيلي فقد خسرها جميعا. وظلت تلك مهمة حزب الله والفصائل الفلسطينية.
قبل سنة عندما ثار أبناء درعا لم يفكروا بخارج حدود المحافظة، انتفض كل واحد دفاعا عن كرامته الشخصية وعن أطفاله. وعندما ناصرتهم باقي القرى لم يتوقعوا أن يخرجوا من دائرة حوران. بطش النظام ودمويته جعلها ثورة عامة في سورية. وترك الشعب السوري خلال عام وحيدا أعزل، وفي ظل عجز عربي وتردد دولي اعتقد النظام أنه قادر على سحق الثورة ولكن الثورة تتسع وتتعمق كل يوم.
بعد عام علينا أن نهتف بالروح بالدم نفديك يا بشار، فالمطلوب هو إبادة الشعب السوري ليبقى هو وأسرته الحاكمة فرحين بإحباط المؤامرة. أصحاب العفة القومية لا يريدون تسليح الشعب السوري، ولا تدخلا عربيا، ولا مناطق آمنة ولا تدخلا إسلاميا ولا دوليا. وهم يعلمون أن إيران تتحكم بالمسار العسكري والأمني في سورية والعراق ولبنان. وكأن إيران عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، عندما تقيم تركيا مخيم لاجئين تنتهك العذرية الوطنية وعندما يقود الخبراء العسكريون والأمنيون الإيرانيون مفاصل حساسة في لبنان وسورية والعراق فهذا من مقومات الصمود.
لم يصدر أحد أوامره للشعب السوري بالثورة، المعارضة في الخارج من الإخوان المسلمين فوجئت بالثورة، وفي الداخل لم يكن هناك أي تنظيم يتعدى البلدة الواحدة بسبب القبضة الأمنية القاسية. هي ثورة تلقائية شعبية، لم تقم لتحقيق مكاسب ذاتية لانتهازيين بل قامت باستشهادية تسعى إلى الحرية والكرامة. وصمد الشعب السوري على رغم النزف الذي لم يتوقف مسجلا أطول ثورة في الربيع العربي وأكثرها تضحية.
بعد عام لا يلام الشعب على ثورته ولا يكافأ السفاح بإعطائه مزيدا من الفرص لإراقة الدماء. حتى يصدق شعار بالروح والدم نفديك يا بشار. اليوم على العرب أولا أن يتحملوا مسؤولياتهم أمام أنفسهم وآمام العالم. إن عجزوا عن ردع الوحش البشري عليهم أن يطلبوا معونة العالم، فالبشرية لم تتمكن من التخلص من النازية لولا تكاتف المجتمع الدولي من الاتحاد السوفيتي إلى بريطانيا وأميركا.
ليس مطلوبا تكرار نموذج البوسنة حرفيا، يمكن ممارسة ضغوطات متنوعة على النظام من المظاهرات السلمية، إلى الحظر الجوي، وتسليح الجيش الحر وحماية المنشقين والممرات الإنسانية، فضلا عن العقوبات الاقتصادية والسياسية. تلك خطوات وغيرها قادرة على وقف النزف وتقديم السفاح وأعوانه لمحاكمات عادلة.
مشكلة النظام السوري أنه يعتقد أنه قادر على تكرار مجزرة حماة. في تلك المجزرة قتل 40 الف مدني، وسويت أحياء بالأرض، والمجرمون الذين نفذوا المجزرة من رفعت الأسد وفيصل كلثوم وبهجت سليمان (السفير السوري بعمان) وغيرهم يسرحون ويمرحون. لم يدر بخلدهم أن الدنيا تغيرت وأن من نفذوا مجزرة حماة قبل ثلاثة عقود، تماما كمن نفذوا مجازر درعا وحمص ودير الزور وإدلب، سيلاقون محاكمة عادلة. بعد عام من الثورة يبدو الشعب السوري قريبا من تحقيق أهدافه، ولا شك بانتصاره، لكن السؤال متى؟
هل تريد التعليق؟