يستقبل بشار الأسد شخصيات الغرب من اليمين الأوروبي المتطرف المعادين لثوابته العلنية من فلسطين إلى العروبة وصولا إلى الإسلام. مع أنه شطب أوروبا كلها من الخارطة. لكن اليوم هو بحاجة لهؤلاء في إطار برنامج تدويل الأزمة السورية، وهم يساعدونه في تقديمه رجل الغرب في محاربة المتطرفين. وهذا ليس من قبيل المداولات السرية بل خطاب مندوبه في الأمم المتحدة، الجعفري ذرف الدموع على نهب محتويات كنيس يهودي، دون ان يرف له رمش على تدمير المآذن التاريخية.
من المهم للقلة المخدوعة بإمكانية الحل العربي أن تتابع مواقف تلك الشخصيات من العرب. وهؤلاء هم سفراؤه. وهم الأكثر وضوحا من صورة بوتين الضبابية. فهو يتحرك بعقدة أفغانستان حيث أذل المجاهدون إمبراطورية الاتحاد السوفيتي، ومسكون أيضا بعقدة الشيشان التي ستبقى وصمة عار في تاريخ روسيا. وفي السياق نفسه يتحرك الموقف الإيراني بشوفينية قومية فارسية وعصبية مذهبية تحتقر العرب خصوصا والسنة عموما، وفي دفائن حقدها الأعراب الذين أذلوا كسرى والحرب العراقية الإيرانية.
هؤلاء هم العرب العاربة من حلفاء بشار الذين يرتجى منهم “الحل العربي”. ليس للعروبة مكان في قاموس بشار، حتى القومجيون من جماعته صاروا يستخدمون “المشرق العربي” بدلا من العروبة. من يطالبون بحل عربي اليوم يتجاهلون تاريخا من محاولات الحلول العربية والإسلامية علانية وسرية أفشلها النظام المجرم: مبادرة الجامعة العربية والمراقبون العرب.. المبادرات الثنائية لقطر التي كانت سياسيا وشخصيا الأقرب لبشار الأسد، مبادرات حماس التي ظلت تقيم في دمشق، مبادرات فاروق الشرع ورياض حجاب قبل انشقاقه. أما تركيا، وهي ليست عربية لكنها كانت الأقرب لبشار سياسيا. فلم تتوقف المبادرات التركية التي جلس فيها أحمد داوود أوغلو 50 ساعة مع بشار الأسد، وآخر ما حرر مبادرة مرسي بالتعاون مع إيران وروسيا والجامعة العربية التي كان مصيرها الفشل.
بالنتيجة، الحل كان عربيا استشهاديا على يد شعب سورية من خلال الإصرار على المواجهة، وكان التسليح عربيا ولليوم أميركا وأوروبا لا تسلحان، من يسلح السعودية وقطر وليبيا عبر تركيا ولبنان والأردن. في المقابل الاحتلال الإيراني يقدم لعصابات الأسد بلا حساب وفوق ذلك ذراعها العسكري حزب الله، دون أن ننسى احتلال روسيا بقواعدها لطرطوس، وإسنادها الدولي في مجلس الأمن. الدور العربي إذن رفضه نظام البعث العربي مفضلا الاحتلال الإيراني والروسي.
لو قبل بشار بالحل العربي لبقي في السلطة، ولجنب البلاد كل هذا الدمار. لكنه كرر سيرة من سبقه من الطغاة؛ لا يفهم إلا بعد فوات الأوان. الحسم اليوم في سورية عربي. والعرب السوريون هم من يقاتلون الغزاة من إيرانيين وروس ومن معهم من جند الطاغية. ليست معركة سهلة لكن الأصعب صار وراءهم. النافذة الوحيدة لحل سياسي هي ما يفكر به أوباما من خلال تركيبة عسكرية وسياسية، أي شبه انقلاب وحل سياسي، بالتوافق مع الروس، وربما إيران. هذا هو الحل الأميركي. وكان أكرم للطاغية أن يخرج كما علي عبدالله صالح بمبادرة عربية لكنه فضل نهاية كنهاية القذافي أو أسوأ!
هل تريد التعليق؟