في ظل الفضيحة التي كشفتها قناة اليرموك عن تسريب أسئلة علوم الأرض، ليس مقبولا أقل من إعادة الامتحان لجميع طلاب المملكة. فالذين ينافسون على الدخول في كلية الطب لم يعطوا فرصة متكافئة في ظل تسرب أسئلة الامتحان قبل ساعة على الأقل. وقد جاء تعامل الوزارة مع الفضيحة مخيبا للآمال. فبدلا من الاعتراف بالمشكلة تمارس الوزارة سياسة الإنكار وتلقي باللائمة على الإعلام.
ما حدث رأس جبل جليد يكشف أوضاع التعليم الحكومي، فلا داعي للتغني بأمجاد الماضي، فاليوم لا يدخل المدارس الحكومية إلا غير القادرين على الدراسة في المدارس الخاصة.
ما تبقى من وزارة التربية هو امتحان الثانوية العامة، وبعيدا عن الطيش على شبر ماء والكذب الكثير عن امتحانات القبول في الجامعات، فإنه يظل المعيار الوحيد للتقييم ضمن امكانات الجامعات والوزارة، والاختبارات الدولية المعتمدة التي تقيس تراكم سنوات ويتلوها امتحان قبول في الجامعة لا يمكن تطبيقها في الأردن. ولو جرى ذلك فإن الجهوية والمحسوبية والعشائرية والطائفية وغيرها من أمراض ستتحكم في نتائج كثير من الطلاب.
اذا لم تستطع التقدم على الأقل لا تتراجع. التعليم يشهد تراجعا حادا، وهذا يتطلب أولا إخراج الوزارة من اللعبة السياسية، بحيث يختار وزير عمره فوق السبعين من عتاة التربويين ولا يكون عرضة للتغيير كل سنة، يبقى على الأقل أربع سنوات يوقف الانهيار ويؤسس لنهوض جديد في هذا القطاع الذي ظل مفخرة على مستوى المنطقة أثارت حفيظة بيريز ذات يوم.
على ما يفرق الناس سياسيا فإن موضوع الصحة والتعليم يجمعهم. لنبدأ بعلاج مشكلة تسرب امتحانات الثانوية العامة، ليكلف الوزير بتشكيل لجنة تضم الأجهزة الأمنية للتعامل العاجل مع التسريب، وتوضع خطة للحفاظ على سرية ما تبقى.
استكمال المهام لا يعني أن ننزل مركبة على سطح المريخ، بقدر ما يعني معالجة المشكلات الأساسية الجوهرية في التعليم وخصوصا الحكومي، بحيث تطبق نصوص الدستور التي تنص على أن التعليم حق. ولو كان عندنا تعليم جيد بصنوفه العلمية والأدبية والمهنية فإننا بالتأكيد سنحل المشكلة الاقتصادية، هذا ما اكتشفه أجدادنا الأميون عندما باعوا أراضيهم وأنفقوا مدخراتهم من أجل تعليم الأبناء.
اليوم تنبهت دول الخليج لأهمية التعليم، وهي تنفق موارد طائلة على تطويره، ومع السنوات ستسبقنا إن بقينا نتغنى بأمجاد الماضي، اليوم ما تزال لدينا فرصة للمنافسة، ولكن حال الإنكار سيفاقم المشكلة ويجعلها عصية على الحل.
المأمول أيضا ان يحاسب الوزير على عدم تجاوبه مع القناة عندما أبلغته بالتسريب، وعرضت عليه إرسال فريق للوزارة يثبت ذلك، وقتها كان يمكن أن يؤجل الامتحان ساعة أو ساعات وتحل المشكلة. الطريف أن الرد جاء في اليوم التالي من الناطق باسم الوزارة طالبا من التلفزيون تقديم الوثائق التي لديه! وهل توجد وثيقة غير الأسئلة المسربة؟ وهل هذا سيثبت التسريب؟ ربما تكون الوثائق غير أصلية والأسئلة مصورة مثلا!
حقيقة أسئلة التوجيهي أمن قومي وبدون مبالغة، وتتطلب ردا غير هذا.
هل تريد التعليق؟