مقالات

تشخيص مصلحة الطلبة في “الهاشمية”!

لا مبالغة في بيانات الاتجاه الإسلامي أو اليساري في وصف ما جرى في الجامعة الهاشمية بـ”المجزرة الانتخابية”، وهو غير مسبوق في تاريخ الجامعات الأردنية حتى في عز الأحكام العرفية، ويشكل استفزازا للطلبة يدفعهم دفعا إلى العنف والتطرف. فمن يعطي الحق لإدارة الجامعة بأن تمارس مهام “تشخيص مصلحة النظام” في إيران لقياس مدى أهلية المرشحين؟ فالأصل أن الترشيح حق للطالب طالما حمل الهوية الجامعية. لا فرق في السنة أو التحصيل أو النشاط أو غيره، فتقييم الطالب انتخابيا هو حق للناخب وليس لإدارة الجامعة.

اتصلت مرارا بالدكتور سليمان عربيات، وهو بالمناسبة صاحب فكر يساري، كثيرا ما تصادم معه “فكريا” طلبة الاتجاه الإسلامي أيام كان مدرسا في الجامعة الأردنية، وكان يفترض أن تشكل الخلفية الفكرية دافعا لمزيد من تسييس الجامعة ونقل طلابها إلى آفاق أرحب من الخلفيات الاجتماعية التي جاؤوا منها، بحيث تصبح ولاءاتهم مدنية حديثة مبنية على المكتسب الفكري والثقافي والسياسي لا على الموروث جهة ومنطقة وعشيرة.

لم يقدم الدكتور تفسيرا مقنعا لقرار العمادة باستبعاد ترشيح 75 طالبا، منهم 53 من الاتجاه الإسلامي، ما استطعت فهمه أن هؤلاء الطلبة لم يشاركوا في المناسبات الوطنية، ولذا حرموا من الترشيح. وحقيقة حرت في معرفة كيف يرصد المشارك من غير المشارك، فلو افترضنا أن احتفالا أقيم بمناسبة الاستقلال أو يوم الأرض فكيف يمكن أن أرصد من يحضر حفلة دبكة أو يرفع علما أو يزور معرضا للتراث؟ نحتاج إلى تشغيل الطلبة ببعضهم رصدا ومتابعة وتوثيقا، هنا يمكن الاستعانة بنظام كاميرات المراقبة!

لنا أن نسأل الجامعة الموقرة التي تعلم الطلبة البحث العلمي كيف تم التمييز بين الطالب النشط والآخر الخامل. في الاختبار العملي رسبت الجامعة، الطالب عمر فاروق/ سنة رابعة كلية الطب، نال شهادات من الجامعة على مشاركته في أنشطة طبية ودينية ومع ذلك رفض طلب ترشيحه! والإسلاميون في الجامعة معتدلون منفتحون، ومن لا يصدق فليدخل على منتداهم الإلكتروني http://www.shababhu.com/

لا داعي للتذاكي، ثمة سياسة منهجية تدميرية للعمل السياسي في الجامعات، وهذه السياسة المتبعة والمفروضة من خارج أسوار الجامعات هي التي أوصلتنا إلى الوضع المزري من العنف والفوضى على أساس الولاءات الضيقة. في سياق هذه السياسة جاء قرار الحرمان من الترشيح.

الطريف أن الحكومة تفاجأت بالقرار، وهي مقيدة باستقلالية الجامعات، ولدى التدقيق تبين أن رئيس مجلس أمناء الجامعة الهاشمية مضر بدران، وهو أول رئيس وزراء في تاريخ المنطقة يشرك الإسلاميين في الحكومة، وفي تلك الأيام انتخبت اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لطلبة الأردن، ومع أن المنطقة كانت تحبو في حقل ألغام في غضون حرب الخليج الثانية وبعدها، إلا أن الطلبة لم يمارسوا العنف الذي نشهده هذه الأيام على أتفه الأسباب.

فهل استشير رئيس مجلس الأمناء بقرارات “مجلس تشخيص مصلحة الطلبة” التي أفضت إلى المجزرة الانتخابية؟

هل تريد التعليق؟