ما الذي غيرته الانتخابات النيابية؟ وبماذا يختلف مجلس نواب 2013 عن مجلس 2010؟ السؤال عن النتائج أكثر أهمية من أسئلة النزاهة ونسب المشاركة. والإجابة عنه ستفسّر إن كان الحراك الإصلاحي سيتوقف ويتبلور في آليات مجلس النواب، أم سيظل الشارع أداته الرئيسة.
واضح أن لا شيء تغير. والحراك بمجمله قاطع العملية الانتخابية، وهو قوة نوعية أكثر منه كمية، ويعمل بشكل مستقل لحاضنته الاجتماعية ومواز لها. فالطفيلة مثلا، التي شهدت قياسا إلى عدد سكانها الحراك الأكثر فاعلية من حيث العدد والزخم والاستمرارية والسقف، شهدت مشاركة انتخابية واسعة رغم مقاطعة رموز الحراك الطفيلي للانتخابات. وليس دقيقا القول إن الحراك حقق مطالبه في الطفيلة، بدليل أن المشاركة واسعة. وليس دقيقا القول إن الدولة نجحت في رفع نسبة المشاركة في الطفيلة، فهذه النسبة المعتادة في منطقة تنافس عشائري، وهي في الوقت ذاته حاضنة للحراك الإصلاحي. كما أنه ليس دقيقا أيضا القول إن المقاطعة حققت أهدافها من خلال المقاطعة الواسعة في دوائر عمان الأولى والثانية والثالثة البعيدة عن الصبغة العشائرية؛ فذلك تكريس لواقع انتخابي تجلى في مقاطعة انتخابات 1997 و2010.
إذن، في ظل تكريس الأمر الواقع، كيف سيكون المشهد بعد الانتخابات؟ الراجح أن يستمر الترقب والانتظار اعتمادا على متغيرات ليس لها علاقة بالانتخابات. داخليا، سيكون قرار رفع أسعار الكهرباء المزمع هدية للمعارضة، وستحاول استخدامه رافعة لحراك جماهري. وخارجيا، سيلعب الملف السوري دورا حاسما أيضا في موقف الحركة الإسلامية.
فلو افترضنا سقوط دمشق بيد الثوار قبل منتصف العام الحالي، فإن ذلك سيعطي دفعة قوية للحركة، والعكس صحيح. فوصول مساعدات وعدم رفع أسعار الكهرباء، وتأخر الحسم في سورية، سيضعف من قوة المعارضة الإسلامية.
لكن الحقيقة أن الإصلاح مطلوب لذاته، وليس رهينة ظروف محلية أو إقليمية. وسواء عملت الظروف معه أو ضده، فإنه مستمر. ففي الأردن وغيره، شهدنا حراكات إصلاحية قبل الربيع العربي، لكنه أعطاها زخما غير متوقع، ولا يجوز التعويل عليه.
المشكلة في الوصول إلى توازنات عادلة ومعقولة هي اغترار كل طرف من أطراف اللعبة السياسية بقوته، ورغبته في فرض شروطه على الآخر.
وقد تجلى ذلك في حكومة عون خصاونة التي فشلت في تسويق قانونها الذي عبر عن تسوية معقولة من خلال الصوتين، وظنت المعارضة أنها قادرة على فرض قانون توافقت عليه مع حلفائها من أحزاب المعارضة.
ربما نستطيع في المرحلة المقبلة الوصول إلى تسوية بسبب إنهاك المعارضة والدولة؛ فالطرفان المتعبان أقدر على التنازل، فيما القوي أو من يعتقد نفسه قويا يفتقد تلك القدرة.
وبالنتيجة بعد الانتخابات، سيتواصل الحراك الإصلاحي، وسيجد له سندا من داخل مجلس النواب؛ فـ”كوتا” المعارضة ستحرص على أن تظل ذات صلة بالشارع ولن تقطع معه.
ثمة من يرى مصلحة البلاد في تكريس الأمر الواقع بدلا من الدخول في مغامرات غير محمودة العواقب؛ وأن وعود الإصلاح أفضل من الإصلاح.
هل تريد التعليق؟