مقالات

“جبهة المستضعفين” أو قائمة “الإرهاب” الأميركية

مع احتلال العراق سادت نظرية في أوساط وزارة الدفاع الأميركية ترى أن حلفاء أميركا في المنطقة هم الشيعة، في العراق وفي أفغانستان كانوا من يعتمد عليهم في قتال “الإرهابيين” وإسناد القوات الأميركية. مروجو النظرية استندوا إلى سنية تنظيم القاعدة. فالأكثرية السنية في العالم العربي تتبنى فقها سلفيا غير قابل للتطور بخلاف الأقلية الشيعية.

لم تصمد النظرية طويلا، لأسباب كثيرة أبرزها صعود المحافظين في طهران. وتدهور الأوضاع في العراق. الدول الحليفة التاريخية لأميركا شعرت بالخطر وبادرت في تقديم أوراق اعتمادها مجددا. مؤكدة أنها الحليف الذي يعتمد عليه في الحرب على “الإرهاب”، الحرب على لبنان شكلت انهيارا للنظرية السالفة، وبدأت الأوضاع تستعيد أجواء الثمانينات؛ الشيعة في مواجهة أميركا والسنة معها.

الأجواء متقلبة والانقسام سياسي أكثر منه طائفيا. نوري المالكي الذي وصل لموقعه رئيسا لوزراء العراق بوصفه شيعيا، ويتبنى أيديولوجيا حزب الله نفسها، أخذ مسافة بينه وبين شيعة لبنان وهو يخاطب الكونجرس، وتلا كلمات بوش ذاتها منذ انطلاق شرارة الحرب مستدرا تصفيق أعضاء الكونجرس.

تاريخيا، في بيروت نفذ حزب الدعوة الذي يعتبر المالكي من قادته أول هجوم انتحاري ضد السفارة العراقية. لم تكن تلك منشأة عسكرية، كانت منشأة مدنية لنظام دكتاتوري تقدم الخدمات للمواطنين العراقيين وزائري العراق. أبرز الضحايا كانت بلقيس “أطول النخلات في تاريخ بابل” زوجة نزار قباني التي رثاها في القصيدة المشهورة. وفي تلك الحقبة فجر الشيعة مقرات المارينز والسفارة الأميركية.

لم يأت الدعم لحزب الله من شيعة العراق. وجاءت المساندة من الجهة التي ظلت تعتبر العدو الأول للشيعة. صحيح أن أيمن الظواهري لم يقدم رؤية فقهية عقائدية جديدة بخصوص الشيعة. ولكنه قدم رؤية سياسية لتحالف يجمعهم في “جبهة المستضعفين في الأرض”. ذلك الحلف كان مغنما لحزب الله بقدر ما هو مغرم.

المغنم يتمثل في كسر الحصار الطائفي على الحزب. فالمعركة هي معركة الأمة لا معركة الشيعة. معركة تمتد من أفغانستان إلى لبنان. المغرم يتمثل في اعتبار الحزب هدفا في الحرب على الإرهاب، وهو ما لم يكن منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.

في المقابل لم يكن حزب الله، على مستوى نظري، بعيدا عن التصنيف الأميركي. فهو على قائمة الإرهاب الأميركية قبل أن يوضع عليها أبو مصعب الزرقاوي. والأميركيون كانوا يتطلعون إلى يوم يختفي فيه الحزب من الوجود. والإسرائيليون أعلنوا أنهم القادرون وحدهم على تحقيق هذا الهدف. وهو ما سبق أن أعلنوه بحق حماس منذ سنين خلت، وسبق أن أعلنه الأميركيون في العراق بحق “الإرهابيين”. معركة المستضعفين أو الإرهابيين ليست لعبة “بلاي ستيشن”. فأميركا التي دكت تورا بورا قبل سنين بقنابل لم يعرفها البشر من قبل، لم تتمكن من منع أيمن الظواهري من معاودة تهديدها في لبنان مبشرا بقيام “جبهة المستضعفين”.

هل تريد التعليق؟