يبدو أوباما مع اصدقائه العرب مثل العميان الذين رزقوا بطفل بصير، ولكثرة ما سبلوا عينيه ابتهاجا ببريقهما سملوهما فانضم لركب العميان. فالرجل تحمس خلافا للمتوقع لقضايا المنطقة مع أنه غارق في أزمات أشد إلحاحا عليه. ومهما قيل في هجاء خطته للسلام التي تسربت ملامحها إلا أنها تظل مرفوضة بالدرجة الأولى من الأكثر غلوا في المنطقة بنيامين نتنياهو والحكومة الإسرائيلية التي أكسبت أحمد نجاد سيماء المعتدلين.
عقلاء العدو ابتهجوا بحماس أوباما، وطلبوا منه جهرة الضغط على حكومتهم المتطرفة. إلا أن الأنظمة الديموقراطية لا يقودها العقلاء بالضرورة. وبالنتيجة نتنياهو لن يخضع لرغبة أوباما. ليس من خلال استمرار الاستيطان والحصار والجدار. ذلك لا يكفي، هو بحاجة لحرب شاملة مع حزب الله وحماس وإيران. وستبرر بأنها تسوية لطريق التسوية التي تعيقها دول وتنظيمات الإرهاب علما هنا أن تصنيف سورية إرهابية أم لا يعتمد على موقفها السياسي!.
لا تنتظروا الحرب طويلا ها قد بدأت. فالغلو والتطرف أيديولوجيا لا تعكس غباء عسكريا بالضرورة. نتياهو يدرك أن الحرب على إيران تبدأ من لبنان من خلال شل قدرات حزب الله العسكرية من خلال حرب واسعة النطاق تعتمد على الجهد الاستخباري المركز قبل الحرب. وبعدها أو أثناءها يحرث سلاح الجو الإسرائيلي المواقع المشتبه بها نوويا في إيران، ولن يستطيع أوباما منع إسرائيل من حماية نفسها!
تقرير دير شبيغل هو البداية الحقيقية للحرب، فحزب الله منظمة إرهابية يجب التخلص منها، وبحسب” التايمز” اللندنية فإن التسريب يبدو وكأنه “خطوة محسوبة لوضع حزب الله في موقع الدفاع، بينما كان الحزب يأمل ان نصره المتوقع في الانتخابات سيمنحه مهلة من الضغوط الدولية والمحلية لتفكيك جناحه العسكري”. وتقول الصحيفة ان المعارضة التي يقودها حزب الله تبدو انها ستحقق نصرا بفارق ضئيل في الانتخابات النيابية في السابع من حزيران (يونيه) المقبل، مما يسمح لها بتشكيل الحكومة المقبلة. ومثل هذه النتيجة “ستشجع ايران وسورية اللتين تدعمان حزب الله الشيعي المسلح، وستفزع الولايات المتحدة وما يطلق عليها الدول العربية المعتدلة، مثل السعودية ومصر التي تنزعج من النفوذ الايراني المتنامي في المنطقة”.
يقول إبراهيم الأمين المطل على صناعة القرار في حزب الله ردا على تقرير دير شبيغل في صحيفة الأخبار “هل ثمة استعداد وإعداد لحرب شاملة جديدة، تكون المناورات الاسرائيلية إحدى إشاراتها القوية، ويكون “الشريط البوليسي” لدير شبيغل، المعد في بيروت، مقدمتها الداخلية الهادفة الى خلق فتنة يعتقد العدو أنها باتت شرطاً ملازماً لأي حملة جديدة عسكرية وأمنية على المقاومة”؟
يبدو أن هناك من لم يفهم، أو لا يريد أن يفهم، لكن من المفيد، على سبيل لفت الانتباه، تذكير أصحاب هذا المنطق بأن المقاومة في لبنان باتت في موقع قوة يتجاوز قدرة هؤلاء على التخيّل.
حتى وليد جنبلاط الذي كان رأس الحربة في مواجهة حزب الله تعقل عقب تقرير دير شبيغل محذرا من الأخبار الصحافية التي تستبق حكم المحكمة لزرع الفتنة والضغينة والتفرقة بعيداً عن العدل والوئام. وجدد “الحذر من لعبة الأمم التي تريد تحريف العدالة واستخدامها في غير ما آمنّا به”. ودعا في المرحلة الحالية إلى طيّ صفحة ماض ساده الظلم والانتقام.
يشتد اللهاث بين المتسابقين ومهما أسرف العدَاؤون من فريق الاعتدال في التفاؤل فإن فرصهم في الفوز ضئيلة قياسا بفريق التشدد. وبعيدا عن لعبة الألفاظ تشددا واعتدالا، كما انتخب الإسرائيليون حكومة متشددة بقيادة نتنياهو سينتخب اللبنانيون حكومة متشددة يقودها عمليا حزب الله. ونتيجة المواجهة بينهما ستحدد وجهة المنطقة، إنها لعبة الأمم!
هل تريد التعليق؟