مقالات

حكم طائفي لا زي طائفي

ذكرت صحف تونسية ان الحكومة بدأت حملة لتشجيع عدم ارتداء الحجاب الممنوع في الاماكن العامة. الخبر منقول من البي بي سي وليس من موقع حزب النهضة المعارض. تكملة الخبر أن وزير الخارجية عبد الوهاب عبدالله يقول أمام اجتماع لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم ان الحجاب “تغذيه الطائفية وانه غريب عن عادات وثقافة المجتمع التونسي”.

واعتبر انه برغم ان بلاده فخورة بدينها الاسلامي “لكنها لا تحتاج الى تلقي دروس من احد عن اصول الدين”، مضيفا “هذا بلد معتدل يرفض العنف والتطرف”. ورأى الوزير ان الحجاب “شعار سياسي تستعمله مجموعة صغيرة تختبئ وراء الدين بهدف تحقيق اهداف سياسية”.

الفترة الاخيرة شهدت قيام عدد من المسؤولين بادانة ارتداء الحجاب، بمن فيهم الرئيس زين العابدين بن علي الذي قال: “ان ثمة حاجة للتفريق بين اللباس الطائفي المستورد وبين الزي التونسي التقليدي وهو رمز للهوية متجذر في تاريخنا”. ويشار الى ان الحجاب مُنع في الأماكن العامة في اوائل التسعينات من القرن الماضي بعد حظر حزب النهضة الاسلامي.

في العراق الذي يشهد حربا طائفية لم يتحدث أحد عن وجود زي طائفي، فالنسوة شيعة وسنة وكردا يرتدين الزي الذي فرضه الإسلام. غير المسلمات لم يفرض عليهن اللباس الساتر للرأس مع ذلك الراهبات يغطين رؤوسهن. في لبنان الخارج من حرب أهلية لم يتحدث أحد بهذه اللغة. في فرنسا التي منعت لبس الحجاب في المدارس لا يتداولون هذه المفردات. في أميركا التي تعلن الحرب على الإرهاب تعمل المحجبات في المؤسسات الرسمية والخاصة ولا يجوز منعهن.

ماذا يجري في تونس إذا؟ ببساطة في تونس تحول النظام العلماني إلى طائفة من دون الناس، طائفة لها شيوخها وطقوسها ورموزها، طائفة مغلقة تتحكم بالبلاد والعباد تفرض رؤيتها على الأفراد. حتى في ملبسهم. ما علاقة وزير الخارجية بما تلبسه النسوة؟ شيخ على طائفته، ليقرر ماذا تلبس النسوة المنتميات لحزبه “الدستوري” و”الديمقراطي”  لكن النسوة المنتميات لحزب النهضة المحظور لا يقبلن بمشيخته وفتاواه غير الملزمة.

طبعا الحجاب ليس زي حزب النهضة. الحجاب هو لباس الأكثرية الساحقة من النسوة في العالم الإسلامي، الذين يبدو أن طائفة الدستوريين الديمقراطيين في تونس لا تراهن. الزي الطائفي بحسب الشيخ الدستوري ترتديه وزيرات وعضوات مجالس نيابية منتخبة وأميرات وشيخات في عوائل حاكمة هل سيسمح لهن بدخول حرم طائفة الدستوريين في حال رغبن في زيارة تونس الخضراء؟

حملة طائفة الدستوريين على الزي الشرعي الإسلامي ليست جارحة للتونسيات فحسب، بل جارحة ومهينة لكل مسلم، والعزاء أن هذه الحملة من سجل معروف في تقارير منظمات حقوق الإنسان. ربما كان أصغر أخطائه هذه الحملة العنصرية. فمن يعذب ويسجن الناس على أفكارهم لا يستبعد منه أن يتدخل بماذا يلبسون وبماذا يأكلون.

الجارح أكثر أن الحملة جاءت في شهر رمضان المبارك الذي تجله طوائف المسلمين كافة. ولا أدري ان كانت طائفة الدستوريين وفية لشيخها المؤسس الراحل الحبيب بورقيبة الذي أفطر جهارا ذات يوم على شاشة التلفزيون.

في تونس أصبحت العلمانية طائفة لا تقبل بالتعايش مع طائفة الأكثرية. وتحاول فرض زيها عليها قسرا.

هل تريد التعليق؟