مقالات

خطوط الإنترنت من الإسرائيليين ملوثة !

    قد يكون متصفح هذا المقال على الشبكة العنكبوتية مر بالخط الإسرائيلي من دون أن يدري، وبما أنهم عدو ارتكب جرائم حرب في غزة، فلا أستبعد أن يكون قد تعرض للتلوث. لا توجد في الشبكة العنكبوتية ملوثات بالمعنى المادي، لكن التجسس يعتبر أكبر تحد يواجه مستخدم الشبكة. ومع أني لا أقوم بعمل يهدد الإسرائيليين عسكريا إلا أني لا آمن على التعامل معهم تقنيا. فهم من أكثر البلدان تقدما في قطاع تقنية المعلومات وصادراتهم تزيد على العشرين مليار دولار سنويا فيه.

       في لقاء لمؤسسات الاتصالات في المنطقة وحضرها لبنانيون الذين لا تزال قوانينهم تحظر التطبيع صدموا بمستثمر في شركة أردنية يقترح تزويدهم بخدمات الإنترنت من إسرائيل، نحن في الأردن ومع ارتفاع نسبة معارضي التطبيع لا نعلم من أين نزود بالخدمة، ومن حقنا أن نعلم، خصوصا أن البديل موجود وهو السعودية. ولا يمكن المقارنة أمنيا واقتصاديا بين التعامل مع الشقيق السعودي والعدو الصهيوني.

     يشبه خبراء الإنترنت الشبكة بنبع الماء المتدفق من أميركا، وظل النبع محتكرا لا تَرِدُهُ غير المؤسسة العسكرية الأميركية إلى أن قرر بوش الأب فتحه للعامة بمن فيهم من يصبون اللعنات يوميا على الأميركيين. كل العالم يشرب من ذات النبع، والإسرائيليون من أكبر رواده. لذا تفضل بعض الشركات مد ما يشبه “الماسورة” من فوائض الشبكة الإسرائيلية، وهذا لأسباب اقتصادية بالمقام الأول لا علاقة له بمستوى التقنية. فالنبع واحد من أميركا لكل العالم، والسعودية وإسرائيل تفتحان أقنية لخدمة مصالحهما.

    في الأردن علينا أن نتحلى بالشفافية، ومن يريد أن يتعامل مع الإسرائيليين بموجب معاهدة السلام عليه أن يقول لزبائنه إن هذا “الماء” الأميركي يرد عن طريق القناة الإسرائيلية، ومن حق الزبائن أن يخيّروا بين القناة الإسرائيلية والقناة السعودية.

      المشكلة مع الإسرائيليين بالدماء وليست بالمياه سواء كانت مياه شرب أم زراعة أم “إنترنت” ، لكن في حال العداء أو السلام علينا أن نحكّم العقل. فلا مصلحة للإسرائيليين بخلق متاعب مع الأردن. وكما أعطوا مصر سيناء وطابا لإخراجها من الصراع العربي الإسرائيلي أعطوا الأردن حقوقه المائية في معاهدة وادي عربة. ومع أن وزير المياه ارتكب كارثة عندما ذهب إلى اسطنبول وعنده مشكلة مائية كبيرة إلا أن المبالغة في الحديث عن التلوث لا تخدم العقل.

      الود عند الإسرائيليين  أن يرسلوا  للأردن ماء مقطرا لأنه لا مصلحة لفتح جبهة معه. تماما  كما أنه لا مصلحة في فتح جبهة مع مصر أو سورية أو لبنان. في المقابل تقطع المياه والكهرباء والهواء عن غزة . ليست مشكلتنا مع الإسرائيليين في 62 ألف متر مكعب من المياه، المعركة معهم على الدماء التي سالت في غزة وعلى اللاجئين والنازحين الذين يشكلون زهاء نصف السكان وعلى القدس التي يمنع الاحتفال فيها عاصمة ثقافية وعلى وعلى…

     إسرائيل حولت مجاري مياه نهر الأردن وقتلت البحر الميت عندما لم يعد يعوض الفاقد منه سنويا وهو 600 مليون متر مكعب، ومنذ العام 1967 يتبخر البحر بلا تعويض. هذه مشكلة وليست ادعاء تحويل مياه مجارٍ على نهر اليرموك يستخدمها الإسرائيليون أنفسهم!

        في الحرب مع الإسرائيليين لا بد من احترام العقل، وبدلا من المبالغة في موضوع المياه الواردة من اليرموك علينا أن ندقق في “ماء النت” الذي نشتريه منهم. ولا أستغرب أن تكون لجان مقاومة التطبيع تستخدم النت الإسرائيلي في مراسلاتها!

هل تريد التعليق؟