فتح الربيع العربي آفاقا جديدة لبناء علاقات صحية بين الدول والمجتمعات وبين التيارات السياسية في ما بينها. وهو ما شكل فرصة لمراجعة الماضي، وتجاوز أخطائه، والتطلع للمستقبل بعيدا عن عقلية الثأر والأحقاد، وقد قطع شوطا بعيدا في بناء شبكة جديدة من العلاقات سواء على مستوى التنظيمات والجماعات أم على مستوى الأفراد. تاريخيا ظلت العلاقة الأسوأ تحكم الإسلاميين بالقوميين، سواء في شقهم الناصري أم البعثي، فالتجربة الناصرية بموازين العدالة الاجتماعية والإصلاح الزراعي ومقاومة الاستعمار تختلف تماما عن موازين الديمقراطية وحقوق الإنسان، فعبد الناصر الذي ناصر الفقراء والفلاحين وناهض الاستعمار، هو ذاته الدكتاتور الذي عطل الحياة السياسية وحظر الأحزاب وتفرد بالحكم وعسكره. <br /> في ميدان التحرير تلاقى الإسلاميون والناصريون، وفي انتخابات مجلس الشعب تحالفوا وفاز حمدين صباحي على قوائم الإخوان. وفي انتخابات الرئاسة تجلت فرصة ذهبية للتحالف مجددا، خصوصا أن قانون الانتخابات يفرض التحالف في الجولة الثانية. كان من الممكن أن تكون المنافسة بين حمدين وبين مرسي أو أبو الفتوح، وهذه خصومة مشرفة ومشروعة. <br /> صعود حمدين كان مفاجئا، وأتاح فرصة لبناء تيار قومي وديمقراطي على الإرث الناصري ويطوره، ويفتح الأفق لعلاقة طبيعية مع الإسلاميين. لكنه أخذته العزة بالإثم، وتحول إلى عدو شرس للإخوان، ناسيا أنه قبل أقل من عام كان مرشحا على قوائمهم ومحمولا على أكتافهم. <br />اختار حمدين أن يكون متحالفا ضمنا مع شفيق مرشح الفلول لا متحالفا على برنامج إنقاذ الثورة مع الإخوان. <br /> موقف حمدين لم يكن مخيبا للإسلاميين فقط بل لكثير من شباب الثورة والقوميين. خصوصا أنه جاء في مرحلة صراع حاسم بين الثورة والفلول. والمستفيد الوحيد من موقفه هو شفيق. إن الهواجس من موقف الإخوان تجاه الديمقراطية لا قيمة لها، فالشارع قادر على حماية الديمقراطية سواء من الإخوان أو من أي تيار آخر، بما في ذلك فلول الاستبداد. <br /> في المقابل من حق الإسلاميين، ولم يفعلوا، أن يتخوفوا من التيارات القومية وخصوصا الناصرية في ظل تجربتها التي لا علاقة لها بالديمقراطية. لقد حظر عبدالناصر الأحزاب من الشيوعيين إلى الوفد والإخوان، وأمم الصحافة، وولغ في دماء الإخوان وأعدم قادتهم وزج بهم في السجون سنين، في الوحدة مع سورية كان شرطه حل الأحزاب وتعطيل مجلس الشعب. <br /> من عليه أن يطمئن للآخر في الماضي والحاضر؛ الناصريون أم الإخوان؟ على قول الشاعر “يرضى القتيل وليس يرضى القاتل <br /> <br /> <br />الغد</p></div></h4> |
هل تريد التعليق؟