مقالات

رسالة إلى “جيش الإسلام”

لا أدري لماذا لا يستجيب “جيش الإسلام” لنداء سامي الحاج ويفرج عن الصحافي البريطاني المختطف آلن جونستون، فالنداء يشكل مخرجا مناسبا للخروج من الورطة. فالخاطفون عالقون في منتصف الشجرة لا يبلغون نهايتها ولا يستطيعون النزول عنها. ماذا سيكون كسب “جيش الإسلام” من قتل صحافي أعزل؟ ما هو كسبه الآن من الاحتفاظ به؟ بمنطق الخاطفين ثمة رسالة وكثير من الدول والجماعات تخطف بهدف إيصال رسالة. في حال آلن الرسالة وصلت؛ هم يحتجون على اعتقال “أبو قتادة” بموجب قوانين منع الإرهاب. في التسجيل أرادوا إظهار أنهم يحسنون معاملة المخطوف، لكن ليس في ذلك منة. أميركا وإسرائيل وكل الدول تقول إنها تحسن معاملة المعتقلين أو المخطوفين.

لا يقبل من دولة أو جماعة اختطاف صحافي، أي حجز حريته بدون حكم قطعي من محكمة عادلة. حال سامي الحاج مصور الجزيرة، المختطف منذ خمس سنوات في غوانتنامو، وتيسير علوني، رهين الإقامة الجبرية، وكثير من الصحافيين العرب مثل أيمن نور الصحافي والنائب لا يختلف عن الصحافي البريطاني المخطوف. هنا لا يجوز الإذعان إلى قانون عالم الاجتماع العربي ابن خلدون “من عادة المغلوب أن يقلد الغالب”. على الأمة المغلوبة ألا تكرر أساليب جلاديها. عليها أن تقول للصحافيين الغربيين نحن لا نعاملكم كما عاملتنا وتعاملنا دولكم المستعمرة.

“جيش الإسلام” عرف ابتداء بما يفخر به كل شريف في العالم عندما شارك بأسر الجندي الإسرائيلي شاليط. لم يكن الجندي صحافيا يبحث عن الحقيقة ويكشف جرائم الاحتلال اليومية كان جندي احتلال يزرع الموت والخراب في ارض ليست له، وأسره ليس عبثا بل وسيلة للإفراج عن آلاف الأسرى المعتقلين ظلما وعدوانا.

لم يتجرأ أحد حتى من عملاء المشروع الصهيوني على إدانة خطف شاليط، لكن في المقابل لا يقبل أحد حتى من مؤيدي الجهاد والمقاومة بخطف صحافي. على “جيش الإسلام” وهو تنظيم حديث يتزعمه ممتاز دغمش، يمثل فكر السلفية الجهادية، أن يحذر من محاولة جره إلى مربع الفوضى والغوغائية، وهي محاولة إسرائيلية لتفريغ جهاد الشعب الفلسطيني من مضمونه. ومن يتابع مواقع الإنترنت يلاحظ المحاولة المحمومة لجعل “جيش الإسلام” في مواجهة حماس لا في مواجهة الاحتلال. ومقاولو إسرائيل يحاولون تلزيم “عطاءات الفوضى والحرب الأهلية” على منفذين بالباطن بعلم أو بدون علم.

زعيم القاعدة أسامة بن لادن قابل صحافيين غربيين وأميركيين. وخلال تمكنه في أفغانستان لم يُسأ إلى صحافي غربي، فهل “جيش الإسلام” على يمين القاعدة؟ أكثر من ذلك في عز الحرب الأميركية على أفغانستان اعتقلت إمارة طالبان الصحافية البريطانية إيفون ريدلي مع أنها دخلت البلاد بشكل غير قانوني وتحمل جنسية دولة معتدية، إلا أن الحركة أحسنت إليها وأفرجت عنها. مع أنه في ذلك الوقت سرب صحافيون أخبارا عن زوجها الإسرائيلي السابق، كان ذلك كفيلا بإعدامها. غير أن الحركة كانت متشددة في تطبيقها الحرفي لنصوص الشريعة. ولم تجد ما يوجب العقوبة على الصحافية وعفت عنها. إيفون اعتنقت الإسلام من بعد عن قناعة، وليس كما فعل صحافيا فوكس نيوز مع خاطفيهم من “جيش الإسلام” أسلما ليفرج عنهما. وارتدّا فور وصولهما إلى مأمن!

في الانتفاضة الأولى قال رابين ان الذي صنعها هو كاميرات التلفزيونات الأميركية، وفي انتفاضة الأقصى لم يكف شارون عن مهاجمة الإعلام علانية وخصوصا البي بي سي التي يعمل بها جونستون. على الخاطفين أن يسألوا أنفسهم من التلفزيون الذي صور استشهاد محمد الدرة تلك الصور التي هزت العالم واستخدمت حتى في أدبيات القاعدة التحريضية؟ مع أن المصور فلسطيني كانت الكاميرا للتفزيون الفرنسي. من كشف صور مجزرة صبرا وشاتيلا؟ التلفزيون الإيطالي. من كشف صور أبو غريب؟ السي بي أس الأميركي؟ من ومن؟

لا أتورط بتمجيد الإعلام الغربي فله أخطاؤه المعروفة، ولكن السؤال الكبير من له مصلحة بكسر المرآة الوجه الجميل أم الوجه القبيح؟ الكاميرات مرآة العالم ونحن أمة مظلومة مستضعفة ومن مصلحتنا أن تأتي كل كاميرات الدنيا لنقل معاناتنا. لا داعي لتنفير الصحافيين من خلال اختطاف آلن جونستون. تنفيرهم مصلحة الاحتلال وعملائه. ولا أحسب أن من يشارك في اختطاف شاليط يشارك في خدمة الاحتلال.

هل تريد التعليق؟