ما فشلت فيه أعتى الأسلحة الأميركية، وأحدث تقنيات الاستطلاع، والبلايين التي ناءت بحملها الخزانة الأميركية كل ذلك وغيره من فشل، سيستبدل نجاحا بعد دخول فرسان العشائر على خط المواجهة مع “المقاتلين الأجانب”! وهم قادرون، بتوجيهات حكيمة من وزير الدفاع (ابن عشيرة الدليم) والسفير الأميركي وقائد القوات المشتركة وسماحة السيد رئيس قائمة الإئتلاف، على دحر الإرهاب وإخراجه من جحوره مذموما مدحورا.
كلام كبير لا منطق فيه. فالرهان على شيوخ العشائر لم يكتشفه وزير الدفاع الحالي، بل جرى تطبيقه قبيل الاحتلال. وسبق لإياد علاوي يوم كان رئيس وزراء أن أشاد بدور هؤلاء الشيوخ الذي سبق معارك “التحرير”، وفي أول حكومة اختير وزير الداخلية سمير الصميدعي من عشائر الأنبار، ووزير الدفاع حازم الشعلان من عشائر الديوانية. ومن بعد جاء وزير الداخلية فلح النقيب من عشائر سامراء السنية، واختيار سعدون الدليمي في السياق ذاته.
الشيوخ الموالون للاحتلال لا يجرؤون على دخول مناطقهم. في المقابل فإن الزعامات المناهضة للاحتلال تحظى بحضور وتأثير لا يجارى.
المتتبع لسيرة “القاعدة” في العراق، يجد أنها وجدت ملاذا آمنا في المناطق العشائرية والريفية، وإن بدا حضورها مستوردا من خلال المقاتلين متعددي الجنسيات فقد تمكنت خلال الفترة الماضية من التوطين. وانتقلت إلى مرحلة التصدير.
في التركيبة العشائرية يحتاج حل قضية ثأر سنوات ولا تحل، فكيف بقضايا تدمير واغتيال واعتقال طاولت الآلاف، المتهم الأول فيها الاحتلال والمتهم الثاني الحكومة المتعاونة معه؟
للقاعدة أخطاء قبل الانتخابات وبعدها، وهي تحل عبر مفاوضات ومصالحات مع الجماعات المسلحة. ويمكن رصد حالات اغتيال اتهمت فيها القاعدة، مثل اغتيال الشيخ إياد العزي في الفلوجة، جرى التعامل معها علانية عندما أصدرت القاعدة بيانا رسميا نفت فيه مسؤوليتها عن الاغتيال، وليس سرا أن حماقات متشددين عرب تسببت في إشكاليات كادت تصل إلى مواجهات.
على الرغم من ذلك، لم يصدر أي بيان عن أي جماعة مقاومة معتبرة يدين “القاعدة” ويعتبرها جماعة إرهابية قادمة من الخارج. أقترح على من يتحدثون عن المواجهات المسلحة بين جماعات المقاومة، إن كان كلامهم صحيحا، أن يطلبوا من جماعات المقاومة العراقية: كتائب ثورة العشرين (المقاومة الإسلامية)، الجيش الإسلامي في العراق، جبهة المقاومة الإسلامية العراقية (جامع)، جيش المجاهدين، جيش الراشدين، وعصائب العراق. إصدار بيان يطالبون فيه المقاتلين غير العراقيين بإلقاء السلاح دون تسليم أنفسهم للأميركيين. هل يصدر مثل هذا البيان؟
تركيبة المقاومة العراقية إسلامية بالدرجة الأولى وعشائرية بالدرجة الثانية، وفي الحالين ثمة ضوابط شرعية وعشائرية لا يجوز خرقها بحال. ففي القرآن الكريم “وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله” فكيف إن كان المستجير بنظرهم “مجاهدا”. من يتحدثون بهذا الكلام يتناسون أن الفلوجة دمرت مرتين ولم تسلم مقاتلا عربيا، فهل بلدات الأنبار الأخرى استثناء؟
فوق ذلك ما عدد المقاتلين العرب؟ أعلى التقديرات الأميركية توصل نسبتهم إلى خمسة في المائة، فإن حلت المشكلة معهم فكيف ستحل مع الخمسة وتسعين في المائة؟
المشكلة في العراق أكثر تعقيدا، ثمة احتلال وثمة حكومة شيعية كردية، والانتخابات لم تدمج حتى الآن السنة في العملية السياسية. أهم شرطين لانهاء المقاومة جدولة رحيل الاحتلال ومشاركة العرب السنة في العملية السياسية وهما شرطان يصعب تحقيقهما، وعليه يبقى الرهان على فرسان العشائر قائما.
هل تريد التعليق؟