مقالات

سفيرا مصر والأردن في دولة العدو

على نطاق واسع، نُشرت صور سفيري مصر والأردن وهما مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز. والصور لا شك صادمة وجارحة لمشاعر المصريين والأردنيين. وبدون مزايدة، فإن اللوم يقع أولا على الرئيس المصري محمد مرسي؛ فلولا إرسال الأخ المسلم المنتخب أول رئيس مدني في مصر بعد ثورة شعبية سفيراً، لما أرسل الأردن سفيره، ولبقيت السفارة بدون سفير إلى إشعار آخر. والمؤسف أن السعادة البالغة في الصور ليس منصوصا عليها في معاهدة السلام.
صحيح أن المتطرفين من خصوم الإخوان سيظلون يزاودون عليهم، ولو جرد مرسي حسامه من غمده ودخل القدس فاتحا. لكن الجمهور الذي انتخب مرسي والإخوان، والرأي العام حتى الذي لم ينتخب مرسي في مجمله، يلتقط أصغر التفاصيل ليدرك أن سياسة مصر الثورة تغيرت تجاه دولة العدو.
من يتابع الصحافة الإسرائيلية، ومراكز الأبحاث الإسرائيلية والأميركية، يعلم أن كارثة استراتيجية حلت بهم. لا يقلل من كارثيتها إرسال سفير. غير أن السياسة تظل رموزا مثلما هي وقائع؛ فالرأي العام العربي وقف لرجب طيب أردوغان ولم يقعد عندما غادر محتجا الجلسة التي فيها بيريز. وهو الرأي ذاته الذي على مرسي أن يراعيه.
من الواضح أن ثمة فريقا استشاريا غبيا أو جبانا يحيط مرسي في السياسة الخارجية. ليس المطلوب من مصر أن تلغي كامب ديفيد، ولا أن تعلن الحرب، ولا أن تحافظ في الوقت نفسه على سياسة مبارك ولو من حيث الشكل. فالعدة الأساسية لمصر في مواجهة العدو هي الجيش المصري، وفي رفح قتل الجنود المصريون على يد جماعة متطرفة بدون أن يطلقوا رصاصة، وتبين بعد أن زار الرئيس الخطوط الأولى في الجبهة أن الطعام بالكاد يصلهم. جيش كهذا عاجز عن حماية مصر لا تحرير فلسطين، جيش ظلت عقيدته القتالية حماية الرئيس والدخول في الاستثمارات وتأمين المصالح الشخصية لكبار الضباط. تحتاج مصر إلى إعادة بناء الجيش المصري وفق عقيدة الثورة المصرية. وهذا يحتاج سنوات، بدون الدخول في مغامرات عسكرية.
عمر سليمان كان على اتصال يومي مع الموساد، بحسب ما كشفت الصحافة الإسرائيلية، وفي حرب غزة وما قبلها وما بعدها تكشّف ذلك. اليوم، خسرت إسرائيل، على قولها، ذخرا استراتيجيا. وانتخب رئيس كان يضع على مكتبه صورة الشيخ أحمد ياسين! والإسرائيليون والأميركيون يعرفون حقيقة موقفه، ولا تخدعهم رسائل التطمين بإرسال سفير أو غيره. وعلى مرسي وفريقه أن يعرفوا أن العالم “يخاف ما يختشيش”. وبالنسبة لهم لن يرتكبوا حماقة مع مصر، وهم حريصون على أن تمضي سنوات مرسي الأربع على خير، وفي الأثناء سيفعلون المستحيل من أجل عدم التجديد له.
حصل الخطأ، كيف يمكن إصلاحه؟ يحتاج مرسي إلى موقف يمحو الصورة المخزية للسفير الذي يتبادل الأنخاب مع بيريز؛ يحتاج إلى سحب السفير مع أول غلطة ترتكبها إسرائيل، ونتنياهو كفيل بارتكاب حماقة ما. يسحب السفير، وبدون كاميرات يمكن أن يستدعى لجهاز أمن الدولة ليمارس عليه بعضا من أشكال السادية والتوبيخ، بدون تعذيب وحشي أو تلفيق قضايا. ويمكن أن يسأل فقط عن سبب ابتهاجه برؤية بيريز. كالمرأة التي طلقها زوجها بعد أن اغتصبها قطاع الطرق، فقالت له إنك سمحت لي بالاغتصاب لإنقاذ حياتنا وحياة أطفالنا، فرد عليها، صحيح، ولكن الابتهاج بالاغتصاب لماذا؟

هل تريد التعليق؟