مقالات

سلطان العجلوني: فشل الدبلوماسية مع الإسرائيليين

أذكر سؤالا استنكاريا للدكتور مروان المعشر أيام تبادل الأسرى بين حزب الله والإسرائيليين: ” من يمون على الإسرائيليين أكثر نحن أم حزب الله؟” كان وزير الخارجية المخضرم يتحدث بمنطق ديبلوماسي. الأردن بلد حليف للغرب وأقام علاقات سلام دافئة مع الإسرائيليين، في المقابل حزب الله حركة معادية لإسرائيل ومصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية. بهذا المنطق المقارنة محسومة لصالح الأردن.

فوق ذلك لا توجد قضية أسرى عادلة مثل قضية الأسرى الأردنيين. وخصوصا عميدهم سلطان العجلوني. فالعجلوني  قتل ضابطا إسرائيليا محاربا على حدود بلاده في سورة غضب عقب مجزرة الأقصى، وكان طفلا ابن ستة عشر عاما لم يبلغ الأهلية القانونية. لو كان الإسرائيليون يملكون الحد الأدنى من الاحترام للقوانين الدولية أو المشاعر الإنسانية أو .. لأفرج عن سلطان والثلاثة الآخرين مع توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.

ربما نسي المفاوض الأردني (أحسن تفسير ممكن لإهمال قضية الأسرى والمفقودين) حكاية سلطان. لكنها أثيرت في التبادل الذي أعقب اعتقال عملاء الموساد الذين حاولوا اغتيال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. الإسرائيليون لم يفرجوا عن الفتى وأفرجوا في المقابل عن الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس المسؤول عن معظم الدماء الإسرائيلية المراقة منذ عام 1987. طبعا معايير القوة لا الأخلاق والقانون هي التي تحكم التصرف الإسرائيلي.

لا شك أن جهودا مضنية بذلتها الديبلوماسية الأردنية في السنوات الأخيرة على أعلى المستويات. وقد حاول رئيس الوزراء معروف البخيت يوم كان سفيرا في تل أبيب أن يقنع عائلة الضابط القتيل واستعد لزيارتها والاعتذار لها دون جدوى. كل تلك الجهود لم تجد أذنا إسرائيلية صاغية وكثيرا ما كان الإسرائيليون يمارسون خداعا في عمليات الإفراج من خلال إطلاق من انتهت محكوميتهم من المتسللين ومرتكبي الجرائم التي لا علاقة لها بالسياسة وأحيانا كانت تبعد فلسطينيين بحجة الإفراج عنهم باعتبارهم أسرى أردنيون.

في أتون الحرب الإقليمية الراهنة على الأسرى لا بد من إحياء ملف الأسرى الأردنيين وقضيتهم العادلة سياسيا والمؤرقة إنسانيا. هل يريد الإسرائيليون أن يقنعوا الرأي العام الأردني أنهم لا يتعاملون مع دولة تقيم علاقات ديبلوماسية وإنما يتعاملون مع “منظمة تخريبية” عبر التفاوض غير المباشر؟ هل يريدون إقناعنا أنهم يتعاملون مع ملف الأسرى باعتباره مفردة من مفردات الصراع العربي- الإسرائيلي وليس ملفا عالقا بين دولتين جارين؟ 

المسألة لها علاقة بكرامة المواطن الأردني أكثر من أي شيء آخر. وهي كرامة لا تتجزأ سواء كان المعتقل في بلد شقيق أم في بلد عدو. وقد أحسنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عندما أطلقت يوم الأسير الأردني. فجمعت بين المعتقلين في سجون الأشقاء العرب والمعتقلين في السجون الإسرائيلية. حكومة البخيت لديها فرصة ذهبية لإحياء ملف تخبره جيدا وإن لم تنجح هي في إثارته لحسابها فإن الآخرين سيثيرونه لحسابهم. للأسف هذا ما حصل في التبادل الأخير مع حزب الله، قيل يومها أن الإفراج لن يكون هدية لحزب الله وإنما هدية للأردن. فجاءت في حينه الهدية مغشوشة وربما ملغومة.

هل تريد التعليق؟