حسنا فعل الكتاب والمثقفون الأردنيون الذين تضامنوا مع الشعب السوري. فسورية في هذه الفترة أحوج ما تكون إلى أصدقاء يصدقونها لا أصدقاء يكفونها الأعداء بصداقاتهم القائمة على الكذب والتزوير والخداع. فالنوع الأول هو الذي يقوي مناعتها ويصلب جبهتها، أما النوع الثاني فلا يزيدها إلا وهنا وانهيارا.
سورية ليست أميركا حتى ترفع الشعار البوشي الشهير “معنا أو ضدنا”، فهذا الشعار خرب بيت القوة الكونية العظمى. فما بالك بسورية؟ العرب والمسلمون والقوى المناهضة للحرب في العالم مع سورية وضدها في آن. ومن يقف مع سورية ليس شرطا أن يكون هتيفا في مظاهرة ينفث ما في صدره من غضب على أميركا وغطرستها. والنظام السوري ليس صلاح الدين في حربه لاسترداد بيت المقدس.
أخطاء أميركا وخطاياها لا تغفر ولا تبرر أخطاء وخطايا النظم المعادية لها. ووقوف نظام أو تنظيم ضد أميركا لا يعطيه صك غفران ولا يمنحه صكا على بياض. وبالقدر ذاته فإن استهداف أميركا لنظام لا يعني إعطاء شهادة حسن سلوك للأنظمة الموالية لها والمتحالفة معها.
ما يقال بحق النظام السوري اليوم يقال ضعفه عن النظام السوري يوم كان في الخندق الأميركي في حفر الباطن، يومها كوفئ النظام بإعفائه من الديون وبتمرير صفقة الصواريخ الكورية (الإسرائيليون تقطعت قلوبهم وهم يرصدون الصواريخ متجهة للشواطئ السورية) والأهم أعطي لبنان. وغضت أميركا بصرها عن الجيش السوري وهو يستبيح الجنرال عون ويخرجه من قصر بعبدا مذموما مدحورا.
الدنيا تغيرت كثيرا، وغدا النظام في سورية عدو أميركا المعلن. ولا مجال لمواجهة حرب أميركا إلا بحرب داخلية. هذه الحرب التي يطالب بها البيان، حرب ضد الاستبداد والفساد وهما ثقبان كفيلان بإغراق أي نظام من دون حرب خارجية. ومن يعيبون على المعارضة السورية أنها تمد يدها لأميركا عليهم أن يعيبوا على النظام الذي لم يمد يده لها.
من مصلحة سورية الاستفادة من الدرس العراقي، فبعد حرب توشك أن تكلف أميركا زهاء ترليون دولار وآلاف القتلى والجرحى لا يجد بوش إنجازا له غير إجراء انتخابات في العراق. ولا يجد مبررا أخلاقيا للحرب غير استبدادية النظام العراقي بعد أن تبدى عوار حجج أسلحة الدمار الشامل. فلماذا لا تقلب سورية السحر على الساحر؟
البيان يقدم نصائح مفيدة بعد رفض الاستهداف “الموقعون على هذا البيان يرفضون المساس بالسيادة السورية، وأية عقوبات او حصار او تدخل عسكري وكلها قد تخدم المخططات الاسرائيلية العدوانية آنفة الذكر. لكن، وفي مواجهة هذا الوضع، لا بدّ من العودة الحقيقية الى الشعب السوري، واسناد حق الشعب اللبناني في الوصول الى الحقيقة في اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري”.
ويخلص البيان إلى مطالب لا يختلف عليها العقلاء. ومن المفروض أن تتبناها كل الأنظمة العربية هددت بالحرب أم نعمت بالسلم: “إيجاد البيئة السياسية الكفيلة بإطلاق تعددية سياسية حقيقية تفضي إلى انتخاب مجلس نواب سوري يعطي الشعب حقه في المشاركة في صنع القرار”. و” القيام فورا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والتعبير”. و”إطلاق المجال لحرية الإعلام والمعارضة، وإلغاء الأحكام العرفية، وإصدار قوانين تمنع السجن السياسي والاعتداء على حريات الناس وكرامتهم”.
أما “التعاون المطلق” مع التحقيق الدولي فمن الواضح أنه المطلب الوحيد الذي يستجاب له بخطوات عملية تمثلت في زيارات المحققين لدمشق أو زيارات المتهمين لفينا. سورية بحاجة إلى أصدقاء وستجدهم في الموقعين على البيان.
هل تريد التعليق؟