مقالات

سورية والصراع القومي الإسلامي

توصيف الرئيس السوري بشار الأسد للصراع في سورية بأنه قومي إسلامي مثير للاهتمام، ويحتاج إلى إعادة تعريف للمتصارعين. فليس النظام قوميا، وليس معارضوه إسلاميين، إلا إذا صدقنا الشعارات القومية للنظام. فالمعارضة لا تصنف نفسها أيديولوجيا، وهي تضم أطيافا واسعة، بمن فيهم القوميون.
هذا التصنيف يخدم النظام، باعتبار أن ثمة صراعا على السلطة بين تيارين. والواقع أن الصراع أبسط من ذلك بكثير؛ هو صراع من أجل الحصول على أبسط الحقوق الإنسانية في الحياة والحرية والكرامة. ولا يوجد موقف معاد للقومية العربية من الجماهير المنتفضة. الموقف معاد لنظام يستخدم القومية ستارا لعوراته في الاستبداد والفساد والطائفية.
لا يمكن أن نفهم قومية النظام وهو يعتمد بشكل أساسي على إيران دولة وحزب الله تنظيما. وأضيف إليهما حكومة حزب الدعوة بزعامة المالكي. وهذا الاعتماد ليس في السند الإعلامي، بل يتعداه إلى التمويل والأمن. واليوم نشهد تعاونا بين حزب الدعوة الإسلامي الحاكم في العراق، وحزب البعث الحاكم في سورية ضد البعثيين المعارضين في العراق.
في مؤشر على عمق التعاون بين حكومة المالكي والنظام السوري، نشرت الصحافة الأميركية عن تسرب أجهزة رقابة الإنترنت التي زودت بها شركات أميركية حكومة المالكي إلى الحكومة السورية. وتلك الأجهزة محظور تصديرها للسوريين، وصدرت للعراق لملاحقة نشطاء “القاعدة”.
للأسف، تقدمت الحسابات المذهبية الطائفية على المبادئ القومية. والقول بأن النظام يقاتل الإخوان منذ عقود ليس صحيحا أيضا، فهو يستضيف حماس، فرعهم الفلسطيني، والثورة السورية انفجرت بعيدا عن علم الإخوان وتخطيطهم، وهذا ما يعلمه النظام جيدا، وانخرط فيها الإخوان مثل كل القوى السياسية، بما فيها القومية.
يحسن بالنظام أن يرى المعركة كما هي؛ معركة شعوب تتوق للحياة وللحرية والكرامة، وهي تدفع أغلى الأثمان ليس من أجل أن يحكم الإخوان المسلمون بدلا من البعث، بل من أجل هدف أسمى من ذلك. وقد عرف السوريون في تاريخهم الحكم الديمقراطي، وتعايشوا مواطنين على اختلافاتهم المذهبية والقومية. وهم قادرون اليوم على استعادة اللحظة الديمقراطية.
تكبير الصراع بين إسلاميين وقوميين نوع من التضليل والخداع. التبسيط هنا أفضل، كيف يمكن أن يعيش أطفال سورية مستقبلا أفضل مما عاشه حمزة الخطيب وطل الملوحي؟ أطفال سورية تعني كل أطفال سورية بمن فيهم أبناء الشبيحة، لأن من يمارس هذه الوحشية والسادية على الناس في الشارع سيمارسها في بيته. ببساطة، الصراع ليس سياسيا، إنه صراع على الحياة.

هل تريد التعليق؟