مقالات

ضد نقابة المعلمين!

“والإنجاز التعليمي الأميركي يتهدد مكانة الولايات المتحدة بالتقهقر والتردي. وفي مدارس تشكو تردي المستوى، يطلب المديرون تمديد وقت التعليم اليومي 25 دقيقة، ويحضون المعلمين على تناول الطعام مع التلاميذ مرة واحدة في الأسبوع، والرضوخ لتقويم أدائهم عن يد جهة ثالثة. وذلك لقاء مرتب يبلغ 75 ألف دولار في السنة، وعندما اشترط المعلمون زيادة كبيرة على الـ25 دقيقة الإضافية، في مدرسة سنترال فولز بولاية رود آيلند، طردتهم المديرة. وأيد وزير التعليم طردهم، وساند الرئيس أوباما وزيره، فاضطرت النقابة الى التراجع. وأولت الصحف تعقب المعلمين المقصرين في عملهم اهتمامها”.

لو كنت في أميركا لما ترددت في الوقوف ضد نقابة المعلمين، ومن يقرأ التحقيق الذي نشرته “النيوزويك” في عددها الأخير عن تقهقر التعليم في الولايات المتحدة لا يملك إلا أن يقف مع الحكومة في مواجهة نقابات المعلمين التي يبلغ عدد أعضائها أكثر من عدد الطلاب في الأردن.

وكأننا نتحدث عن التعليم في الأردن، وهنا مكمن العلة: فالتدريس في المدارس العامة (الرسمية) قلما يستقطب أفضل المعلمين وأذكاهم. وكان التعليم والتمريض مهنتين مباحتين للنساء والأقليات، وتدريجياً، اختارت النساء اللواتي يتمتعن بالكفاءة والجدارة مهناً أخرى تفوق أجورها أجور التعليم.

لقد أنتج النظام التعليمي الأميركي تلميذا مثل بيل غيتس، وبفضله وضع الإنسان قدمه على سطح القمر، لكن الأميركيين لم يصابوا بداء النرجسية وظلوا محافظين على عقليتهم النقدية التي لا تكف عن المراجعة والمحاسبة، وطبيعة النظام الديمقراطي يصحح نفسه.

لو أنشئت نقابة للمعلمين في الأردن فستمارس الدور الذي تمارسه أي نقابة في الدفاع عن منتسبيها. وسيكون لها آثار سلبية جانبية، غير أنها في المجمل ستعطي المعلم المكانة التي يستحقها، وستؤمن له مزيدا من الامتيازات التي تعيد الجاذبية لمهنة التعليم.

في أغنى بلاد العالم يشكون من “أن أشد التلاميذ احتياجاً الى التعليم الجيد، وهم أولاد الأحياء الفقيرة، يوكل أمرهم الى معلمين غير مؤهلين لتعليمهم”. لا يمكن أن تحقق البلاد نهوضا اقتصاديا من خلال الجزر التعليمية التي تمثلها مدارس القطاع الخاص ذات الكلفة العالية. التحدي هو بناء نظام تعليمي يمكِّن الفقراء من بناء ثروات من خلال تحصيلهم وإبداعهم وتفوقهم، وهذا لا يكون إلا بتطوير التعليم العام.

استجابة الحكومة لأكثرية مطالب المعلمين تشكل خطوة في طريق الألف ميل، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح. تستحق الدعم، ويتوقع أن يقدم مستشاروها القانونيون تصورا لبدائل النقابة، ويمكن هنا الاستفادة من التجارب الغربية التي لا يوجد فيها نقابة مركزية، وإنما مجموع نقابات تقوم على حرية الانتساب. في أميركا رابطة التعليم الوطنية تضم (3.2 مليون منتسب) واتحاد المعلمين الأميركي (1.4 مليون).

هل تريد التعليق؟