مقالات

عبدالله بن حسين الأحمر

تشكلت صورة نمطية عن اليمن تظهره وكأنه أبعد البلدان العربية عن الدولة الحديثة. وإن كانت الصورة هذه تصح في الجانب الاقتصادي إلا أنها ظالمة سياسيا. فالبلاد قطعت شوطا متقدما نسبيا في التعددية السياسية والشراكة في السلطة وحرية الصحافة. وما كان لليمن أن يقطع هذا الشوط لولا المواءمة بين القيم التقليدية والقيم الحديثة. وهو ما جسدته شخصية الراحل عبدالله بن حسين الأحمر الذي غيبه الموت أمس. فهو شيخ مشايخ حاشد، أي شيخ الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ، وفي الوقت نفسه زعيم التجمع اليمني للإصلاح ( الإخوان المسلمين)، وهو قبل كل شيء الثائر الذي ساهم في إخراج اليمن من ظلمة عهد الإمامة إلى عهد الجمهورية. لم تنتقل اليمن من الظلمة إلى النور، لكنها انتقلت إلى مرحلة أقل ظلمة. ويكفي أن نتذكر أن الإمام عندما ضاق بالصحافة أحرق المطبعة. <br/> <br/> <br/> <br/>لم يركن الشيخ إلى ماضيه المجيد، وتضحياته هو وعائلته ( قتل الإمام والده وشقيقه ) وهو الذي قال فيه أبو الأحرار اليمنيين عبدالله الزبيري إنه يصحو من نومه مرعوبا عندما يتخيل اليمن بدون الشيخ عبدالله، ووصفه بأنه “يحمل أثقال جبال اليمن وسهولها ووديانها والأمانة الكبرى نحو الشعب والبلاد، وهو الذي يرجح كفة النجاة للوطن، وأنه إذا قال نعم أو لا بكل قوته ورجولته سيغير حينئذ مجرى التاريخ”. <br/> <br/>وإذا كان الشهيد الزبيري الملقب بـ” أبو الأحرار” في اليمن يستشعر في ذلك الوقت خطورة غياب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر فكيف بغيابه اليوم ؟ في مذاكرته خلص الشيخ الأحمر إلى القول: “نعم لقد أصبحت الحزبية حقيقة واقعة ومؤصلة في الدستور، لكننا نستطيع أن نلتزم بمبدأ التعددية الحزبية، ونحافظ أيضا على التماسك القبلي الذي هو صمام أمان في اليمن عبر التاريخ”. <br/> <br/>ما يحتاجه العالم العربي هو البناء على الموروث لا القطعية معه أو الركون إليه ، وما حصل في العالم العربي أن البنى الحديثة نشأت في فراغ فلم تصمد. والأسوأ هو العودة إلى البنى الموروثة بديلا للحديثة. فالشيخ لم يكن مضطرا لتأسيس حزب وهو يقود عشيرة يهيمن أبناؤها على مفاصل البلاد، يكفيه أنه قدم نموذجا للتعايش بين الموروث والحديث. <br/> <br/> في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بدا موقف الشيخ محيرا لغير اليمنيين، إذ أعلن أنه لو لم يكن في نقاهة في السعودية لصوت للرئيس علي عبدالله صالح، في الوقت الذي كان حزبه التجمع اليمني للإصلاح العمود الفقري لتجمع المعارضة “اللقاء المشترك”. كنت يومها في اليمن وسألت قريبين من الشيخ عن موقفه، قالوا إن الشيخ لم يكن مقتنعا ابتداء بإعلان الرئيس عن نيته عدم الترشح للانتخابات، وهي الحكاية التي انطلت على كثيرين، وعندما أبلغ بذلك قال لا تصدقوه سيترشح. وصدقت نبوءة الشيخ. كان يدرك حساسية الأوضاع في اليمن وأنه صمام الأمان. فالبلاد معرضة للتشظي مناطقيا ومذهبيا وعشائريا في ظل غياب المؤسسات وتمركز السلطة. <br/> <br/>يغادر الشيخ دنيانا وبلاده وأمته في أسوأ أحولها، وهي في أمس الحاجة إلى أمثاله. <br/> <br/>www.abuhilaleh/maktoobblog.com <br/> <br/></p></div></h4>

هل تريد التعليق؟