لم أستمع إلى مقولات رئيس الوزراء الأسبق عبدالسلام المجالي عن الكونفدرالية ، ولم أحاوره حول توقيتها المريب ، ولم أبحث معه في تداعياتها التدميرية على الدولة الفلسطينية من جهة وعلى العلاقات الأردنية الفلسطينية في بعديها الداخلي والخارجية <br/>من جهة أخرى .إذ لم أكن ممن حظوا بلقائه وجها لوجه ، وحسبي أن أنقاش الفكرة عن بعد فهي <br/>مستهلكة منذ سنين ووجه الرئيس السابق ليس بغريب على الصحفيين . لنبدأ بصاحب الفكرة ، فهو مسؤول سابق معني بملف التسوية . وحتى لا يظلم لم يكن <br/>وثيق الصلة بالملف على مستوى عملي في عز توليه المسؤولية . فلم يعد سرا أن <br/>المفاوضات السرية الأردنية الإسرائيلية هي المفاوضات الحقيقية التي أثمرت <br/>التوقيع على معاهدة وادي عربة ، وكان دور رئيس الوزراء هو التوقيع الذي يعطي <br/>المفاوضات صبغتها الرسمية . <br/> <br/> ومع ذلك كان المجالي فخورا بالمعاهدة وحرث الأرض أمامها من خلال قانون الصوت <br/>الواحد المجزأ الذي أقر بصيغة غير دستورية بعد حل مجلس النواب .وهو من هواة <br/>القوانين المؤقتة ليس في الانتخابات وإنما في المطبوعات أيضا . وهو القانون الذي <br/>عطلته محكمة العدل العليا في سابقة لم تتكرر . <br/> <br/> وعلى ضعف صلته بكثير مما كان يجري لم يكن المجالي ليتنصل منه ،بل كان يجترح <br/>مصطلحات غير مسبوقة في علم التفاوض مثل ” مفاوضات الكرادور ” ، وبالمحصلة انتهت <br/>صولاته بتصريحه الشهير ” كفَنا الوطن البديل ” مع أن المواطن البسيط في حينها كان <br/>يدرك أن المشروع الصهيوني لم يغسل ولم يكفن بعد ، وطالما أن إسرائيل تحتل الأرض <br/>وترفض إقامة الدولة الفلسطينية فإن خطر الوطن البديل لا يزال ماثلا على رغم <br/>تصريحات رئيس الوزراء الأسبق . <br/> <br/> حتى وهو على رأس مسؤوليته وليس في سني تقاعده على المسؤول أن يحترم الرأي <br/>العام عندما يطرح مشاريع كبرى تتعلق بمصير الدولة والوطن . فالأوربيون وهم دول <br/>صناعية كانت تستعمر العالم لا يوسعون الاتحاد الأوربي دون مشورة ، ولا تدخل دولة <br/>فيه بدون موافقة شعبها على كل ما يحمله من وعود اقتصادية وسياسية , دولة صغيرة <br/>مثل اللوكسمبورغ تحدد مصيرها ومصير الاتحاد ، فكيف بمشروع سياسي ينسف الدولة <br/>الأردنية لصالح مشروع مبني للمجهول . <br/> <br/> شخصيا أؤيد الوحدة الاندماجية الكاملة مع فلسطين بعد التحرير واعتراف العالم <br/>بالدولة الفلسطينية ، لكن لماذا الآن وقبل التحرير وقبل الدولة وفي ظل <br/>الجدار وفي عز الحصار واعتقال رئيس المجلس التشريع وكل المصائب يتطوع مسؤول <br/>أردني متقاعد لتبني خيار هو من اختصاص الشعب الفلسطيني والشعب الأردني كل على <br/>حدة ؟ <br/> <br/> يصعب أن يؤخذ الحديث عن الكونفدرالية بحسن نية ، ويجب التصدي لهذه الطروحات <br/>المدمرة لفكرة الدولة الفلسطينية ( القابلة للحياة أم للتكفين ؟) فآثارها <br/>السيئة لا تتوقف على إثارة هواجس الفلسطينيين الذين يصارعون الاحتلال على <br/>مدار الساعة وإنما تنسحب على العلاقات الأردنية الفلسطينية في بعدها الداخلي <br/>، وستعطي حطبا لمن يريدون إشعال نار الفتنة . <br/> <br/> لأن يجلس رئيس الوزراء المتقاعد بجوار متقاعدين أمام دكان يلعبون ” السيجة <br/>” لتمضية الوقت وصرف الملل خير من اللعب بمصير الناس بدون تفويض من أحد . <br/>كلام الكونفدرالية عبث سبق أن أوقفه الراحل الملك حسين في قولته للراحل <br/>عرافات أعد ورقة الكونفدرالية على جيبك . وهو الكلام نفسه الذي يقال لرئيس <br/>الوزراء المتقاعد عبدالسلام المجالي . فلا أعلم أحدا من الفلسطينيين أو <br/>الأردنيين فوضه ببحث حاضرهم أو مستقبلهم . والكونفدرالية في النهاية ليست <br/>خدمة لهم ، بل خدمة للمشروع الصهيوني الذي يرفض الدولة الفلسطينية من حيث <br/>المبدأ . <br/> <br/> <br/> <br/> <br/> البريد الالكتروني <br/> [email protected] <br/></p></div></h4>
هل تريد التعليق؟