يجمع عزيز الدويك الشرعيتين الانتخابية والثورية. فهو رئيس السلطة التشريعية المنتخب، وهو من قادة حماس الذين ذاقوا مرارة الإبعاد في مرج الزهور. وفي سجنه ظل الوجه الناصع للنضال الفلسطيني تماما كما في جامعته وإبعاده وعمله النيابي. وهو من الشخصيات النادرة في العمل الفلسطيني غير المتعصبة فصائليا. ويتصرف باعتباره ممثلا للشعب كله.
تحكم محكمة إسرائيلية بالإفراج عن عزيز الدويك! يا لأخلاق الغزاة! طبعا بعد اتمام ثلاث سنوات سجنا. في وقت تتهم حماس “أجهزة أمن دايتون” بـ15 ألف استدعاء، واعتقال سبعمائة، وتصفية المجاهدين المطاردين وأخيرا الموت في أقبية التعذيب. وفي ظل “سيادة القانون” يبشرنا الناطق باسم الشرطة بأن تحقيقا سيفتح بشأن وفاة هيثم عمرو، الذي قضى بعد اعتقاله، وقد بثت صوره على اليوتيوب وآثار التعذيب واضحة على جسده.
وعلى قول دايتون، في معهد واشنطن: “إن الذي حققناه، وأقول ذلك بكل تواضع، هو أننا قد “صنعنا” رجالاً جدداً”.. وقوله: “حتى إن قادة جيش الدفاع الإسرائيلي يسألونني باستمرار “كم من هؤلاء الفلسطينيين الجدد تستطيع أن تنتج، وبأسرع وقت”.
الرسالة واضحة، الاحتلال أفضل من السلطة. إذ يتوازى مع ممارسات أجهزة رام الله واقع حياة مأساوي في غزة يجعلها على مقربة من الموت. ويا محلى الاحتلال، إذن!
ليس صعبا الاحتراب الداخلي وربما يفكر كثير من “رجال السلطة” باعتقال الدويك فور الإفراج عنه. التهمة جاهزة “حفر أنفاق قرب مقرات السلطة”، وأخشى أن تنفذ حماس قناة البحرين من المتوسط إلى الميت أنفاقا!
لنتذكر ما يراد محوه من الذاكرة. عزيز الدويك أبعد إلى مرج الزهور بسبب اختطاف حماس لفاكسمان واعتقل بعد انتخابه إثر اختطاف حماس لشاليط. معركة حماس التي تدفع ثمنها من حرية قادتها ودمائهم هي مع الاحتلال لتحرير الشعب الأسير. لم يعتقل بسبب تهريب شحنة موبايلات!
يوجد كثير مما يستحق التلاوم والمحاسبة لكن ليست هذه مصلحة الشعب الفلسطيني. بعد انتهاء ولاية عباس وتعذر إجراء انتخابات عامة يصبح الرئيس هو رئيس المجلس التشريعي، وهذا ما حصل بعد وفاة عرفات. لكن حماس لا تدعي قيادة الشعب الفلسطيني مع أنها على الورق تقوده في الداخل. والنزاع على قيادة السلطة في الداخل مثل النزاع على قيادة مهجع في السجن لا أكثر.
على العقلاء في فتح ان يدركوا أن مشروع دايتون ليس إلا حقن دماء الاحتلال ونقل المعركة بين الفلسطينيين أنفسهم. والمشروع الوطني هو إنجاح الحوار الفلسطيني. ليس المطلوب أن تتقاسم فتح وحماس السلطة. ولا إعطاء نايف حواتمة وزارة الدفاع. القضية إحياء التمثيل الفلسطيني في الداخل والشتات على أسس ديمقراطية. والشعب الفلسطيني اكبر من الفصائل جميعا.
كيف يمكن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في ظل الاحتلال، ولا يمكن إجراء انتخابات للفلسطينيين في لبنان أو السويد؟ كيف تتمكن حماس من إجراء انتخابات الحركة في السجون والداخل والخارج ولا تستطيع فتح عقد مؤتمر عام!
لا شرعية من دون انتخاب، الثورية وحدها لا تكفي. وليكن الإفراج عن الدويك فرصة لبناء جديد للشرعية.
هل تريد التعليق؟