مقالات

عصابات عاملات المنازل ودور وزارة العمل؟

 تشكل قصص عاملات المنازل الآسيويات شاغلا أساسيا في حياة الأردنيين، فقد أصبحن جزءا أساسيا من حياة الطبقة الوسطى الأردنية. وهذا ينطبق على دول الخليج ولبنان والأردن. الاستثناء المغاربي والسوري والمصري ليس بسبب الشبه بالغرب الذي استغنى عنهن لأسباب اقتصادية وسياسية وثقافية، بل بسبب وجود العمالة المحلية في هذا المجال وبأسعار منافسة، وخبرة أفضل.
 يقف الأردن في موقع فريد في تعامله مع الخادمات بشكل حوّلهن إلى عصابات، لا يجرؤ المستقدم على مواجهتهن. وبسبب الحاجة فإنه مضطر للقبول بالظلم. هذا الوضع الفريد تأسس بفعل التمويل الغربي لمقاولي “حقوق المرأة”، فبدلا من الانشغال بأجندة محلية وطنية تناضل من أجل حقوق الأردنيات، استوردت أجندة غربية رسمت صورة استشراقية لا علاقة لها بالواقع. يحب الممول الغربي للمراكز والجمعيات النسائية أن يرانا كما يحب في صوره النمطية.
الناشطات اللواتي يتحركن وفق رغبات الممول، وجدن تواطؤا من الحكومات كافة التي تحب أن تتزين للغرب وتقدم مجتمعها مدانا لصالح العاملات. ولذا نجد كل القوانين والإجراءات تصب في صالح العاملة الآسيوية لا المستقدم الأردني، فنجد أن كلفتها في الأردن استقداما وتشغيلا أعلى من دول الخليج ولبنان، ونجد أنها تتمتع بحصانة قانونية تجعل أقصى عقوبة تتعرض لها في حال المخالفة هي العودة إلى بلادها على حساب المستقدم.
 صديقي الأستاذ الجامعي وزوجته العاملة يحتاجان عاملة بيت للعناية بابنهما الوحيد، خادمتان هربتا في عام واحد، وإحداهما ظهرت بعد عامين في مركز أمني لمطالبته بثمن تذكرة العودة. الصديق خسر في ذلك العام أربعة آلاف دينار دون سعر تذكرة العودة. ودوره كدور آلاف الأردنيين يقتصر على تأمين استقدام العاملة، وبعد وصولها ترتبط مباشرة بواحدة من عصابات العاملات التي تقوم بتهريبها من المنزل وتأمينها بالسوق السوداء.
 تبقى سنوات في السوق، لا تدفع ضريبة ولا ضمانا. وقد تمتهن الدعارة والسرقة وفي النهاية إن وقعت مصادفة في قبضة الأمن فإنها تضمن العودة على حساب المستقدم. ملايين تسرق من جيوب الأردنيين بسبب عجز التشريعات أو الرخاوة في تطبيقها. والأردني مضطر للقبول بهذا الوضع الفريد بسبب سطوة منظمات التمويل الأجنبي عالية الصوت.
 لنتخيل أردنيا تعاقد مع شركة في أميركا، وبعد أن ذهب على حسابها ووفرت له الإقامة القانونية وكامل حقوقه هرب من العمل واختفى ومارس أعمالا غير قانونية؛ هل يجد من يدافع عن جريمته؟ تأتي من الفليبين على حساب الأردني، ويدفع رواتبها مقدما، وتعيش في البيت معززة مكرمة كأصحاب البيت، ثم تقرر أن تعمل لحسابها، تهرب تاركة أطفالا أو كبيرا في السن، وتعمل بما يعادل ألف دولار في الشهر لا تدفع ضريبة قرشا واحدا، وبعد أن تقرر العودة أو تضبط صدفة تعود على حساب الضحية!
 لا يجوز أن تهدر حقوق الأردنيين بفعل مقاولات التمويل الأجنبي. ولا يجوز التهاون مع هذا اللغم الاقتصادي والاجتماعي. في اقتصاد السوق تستطيع وزارة العمل إطلاق المنافسة للحصول على أكفأ وأرخص عمالة. وتستطيع الوزارة إخضاع العاملة للقوانين الأردنية. ولا يعقل أن يدفع الخليجي أقل من الأردني أجورا. على الوزارة والأمن العام وكل مؤسسات الدولة تلبية مصالح الأردنيين لا مصالح قلة قليلة من مقاولات التمويل الأجنبي أوعصابات تثري من سرقة الأردنيين من خلال تهريب العاملات وإدارة أعمالهن غير المشروعة.
 ببساطة نقابة مكاتب الاستقدام تعبر عن مصالح الأردنيين عامة، ومن خلال تراكم خبرة عقود هي قادرة على مواجهة الأصوات العالية، ووفق القوانين الأردنية. على الحكومة أن تصغي جيدا لها.

هل تريد التعليق؟