من لا يملك سياسة خارجية، بالضرورة لا يمتلك سياسة داخلية. ولذا يغيب النقاش الجدي في برامج المرشحين في القضايا الداخلية مثل التعليم والصحة تماما كما تغيب القضية الفلسطينية، والسياسة الخارجية عموما. ومنذ بدأت الحملة الانتخابية إلى اليوم لم نشهد مناظرة تعكس قدرات المرشحين ولا اتجاهاتهم. وبالتالي لن نشهد تحولا في الرأي العام والتصويت تجاه أي مرشح.
في الأردن القضية الفلسطينية شأن محلي تماما كما هي شأن خارجي. فـ43 بالمائة من الناخبين هم لاجئون ونازحون، والنازحون منهم كان وفق اتفاق أوسلو يجب أن يعودوا ضمن المرحلة الانتقالية التي انتهت عام 1999. صحيح أن الإسرائيليين لن يعيدوا أحدا في ظل موازين القوة المائلة لصالحهم، لكن لا بد من موقف تجاه اسرائيل، أقله مطالبة المرشحين بطرد السفير (لن يأتي من بينهم ليبرمان أردني يتولى حقيبة الخارجية!). وفيما يعتبر ضمن السياسة الخارجية في القضية الفلسطينية لم نشاهد موقفا تجاه الحصار الإجرامي على غزة. وكأن رفع الحصار عن غزة اختصاص النقابات “المهنية” وليس مجلس النواب “السياسي”.
ماذا عن العراق؟ هل يمكن فصل ما يجري في العراق عما يجري عندنا؟ أين العراق في برامجهم وفي شعاراتهم؟ نظرا للقصور في فهم السياسة يقال لك، وهل يستطيع النائب أن يفعل شيئا. نعم لو كان عنده فهم لدوره لفعل شيئا. نريد أن نسمع موقفا تجاه المقاومة العراقية، تجاه الإرهاب، تجاه العملية السياسية في العراق تجاه التدخل الإيراني تجاه الطائفية السياسية. العراق جار لصيق والمطلوب من السياسيين أن يسمعونا آراءهم السياسية حتى يسمعوا صوت الناخب. عندما يتحرك النائب بأفق سياسي خارجيا ومحليا يستطيع أن يخدم الناخب.
وعندما يتحرك بأفق الدائرة الوهمية تنتهي خدماته برغيف الشاورما أو صحن الكنافة الذي يقدمه في المقر الانتخابي. النيابة شعارات وبرامج وليست سيخ شاورما وسدر كنافة. عندما فاز يعقوب زيادين الفلاح البسيط القادم من قرى الكرك عن القدس زهرة المدائن المكتظة بأبناء العوائل المدنية والثرية فاز بشعار وبرنامج سياسي، ولم يقدم لا سدر كنافة ولا سدر منسف. كانت عنده سياسة خارجية تتعلق بالحقوق العربية في فلسطين وإلغاء المعاهدة مع بريطانيا وتوطين البدو و… ولأنه كان يمتلك رؤية للسياسة الخارجية امتلك رؤية داخلية.
وعندما رفع أوباما شعار التغيير، لم يرفعه بمعنى التغيير من هاتف بلاك بيري إلى آي فون في دعاية لهاتف نقال وإنما بمعنى سياسي. وله “شعارات” معلنة لا نوايا خفية؛ داخليا وخارجيا، داخليا في قضايا الأزمة الاقتصادية والتأمين الصحي، وخارجيا في قضايا الإرهاب والعراق وأفغانستان. وكان له موقف من عودة اللاجئين الفلسطينيين. في العالم النيابة سياسة، وعندنا؛لا أدري ما هي عندنا!
هل تريد التعليق؟