مقالات

في التعليم: هل كانت الحال أفضل؟

هل سمعنا نقاشا جادا في مجلس النواب حول التعليم؟ باستثناء قضية تهريب أسئلة الثانوية العامة لا أذكر أني سمعت عن هكذا حوار. كان موضع تهريب الأسئلة فرصة لنقاش جاد حول واقع التعليم لكنه تحول إلى مهاترة انتهت بمحاكمة في أمن الدولة، النقاش كان يفترض أن يحفر في عمق الأزمة ولا يكتفي بالطفح على السطح.

لست متشائما، وأعتقد أن مشكلة التعليم عندنا قابلة للإصلاح أكثر من باقي المشاكل، شريطة الاعتراف بوجودها ابتداء. والمشكلة الأساسية أن التعليم الحكومي الذي تلتزم الدولة دستوريا بتأمينه لمواطنيها في مرحلة التعليم الأساسي لا يحقق العدالة ولا المساواة بين أبناء البلد. فالقادرون هم من يستطيعون إدخال أولادهم في مدارس خاصة تضمن لهم تعليما يمكنهم من اكتساح أقرانهم ومن هم أذكى منهم ممن لا يجدون غير مدارس الحكومة.

التعليم ليس للقادرين؛ انه من أبسط واجبات الدولة تجاه مواطنيها، وإن كانت الدولة تتفاخر بأن المنافسة بالنوع وليست بالكم، عليها أن تقدم مدارس نوعية للطلاب المتفوقين غير القادرين. وإلا سنجد في المستقبل جيلا من القادرين المبدعين المتحكمين في كل شيء بجوار جيل من المبدعين المحبطين اليائسين الساخطين الذين لا يملكون شيئا.

من حق القادرين أن يدخلوا أولادهم في مراحل رياض الأطفال في مدراس تكلف شهريا ما يصل إلى خمسمائة دينار، وهي لا شك تقدم خدمة تعليمية كفيلة بتطوير مهارات الطفل وتهيئته لدخول المدرسة. الطالب العادي بالمال يصبح أكثر من عادي، أما المبدع فتكفل له المدرسة الحديثة المرتفعة الأقساط فضاء للتعبير عن إبداعه. أما من لا يملك المال فيتحول من عادي إلى واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة والمبدع يتحول إلى عادي.

رعاية الدولة للمبدعين الفقراء ليس منة منها بل هي واجبها لتحقيق العدالة والفرص المتكافئة بين مواطنيها. وإلا فإنها ستكرس شقاقا اجتماعيا بين من يملكون ومن لا يملكون. تستطيع الدولة التشارك مع المجتمع في تحمل المسؤولية. فالمدارس الخمسة نجوم بالإمكان إلزامها من خلال شروط الترخيص بتأمين منح للطلاب المبدعين غير القادرين.

يسهل التنصل من مسؤولية الدولة في قطاع التعليم، الحجة جاهزة: انه القطاع الخاص الذي يعمل وفق آلياته الخاصة به من دون تدخل من الدولة. وبحسب إمكانياتها لن تقصر الدولة مع مواطنيها، هذه الحجة لا يجرؤ من نمت في أرضهم بذرة الرأسمالية على قولها، ففي الغرب الدول مسؤولة عن الرعاية التعليمية، ولو كان التعليم في الغرب مثل ما يراد لبلادنا أن تكون لما تمكن من تحقيق نهضته الصناعية.

الدولة في الغرب ترعى المبدعين في كل العالم لأنها تتعامل معهم باعتبارهم مستوردات عالية القيمة، وبمنطق السوق على البلدان المنتجة أن ترعى صادراتها. المؤسف أن كلاما كثيرا يقال حول ترتيب أولويات الدولة وجعل التعليم في صدارتها لكن ما نراه أن الأولوية هي تصدير الاستثمار والتعامل معه مجردا من أبعاده الإنسانية والاجتماعية. وكأن الأردن هونج كونج أو دبي.

ليست المسألة لعبا، حالنا في مراحل تأسيس الدولة أفضل حالا في “نوعية” التعليم، وإن كانت “كمية” التعليم لا تقارن. رؤساء الجامعات  وعمداء الكليات والبحث العلمي وكبار الأطباء وأرفع كوادر الدولة ممن درسوا في أرقى الجامعات الغربية لم يكونوا أبناء شريحة اجتماعية طارئة، كانوا يمثلون الأردن بضفتيه آنذاك بقراه وبواديه ومخيماته ومدنه. وعندما عادوا من مغترباتهم كانوا يشعرون منتمين للبيئات الفقيرة المحترمة التي أنتجتهم بقدر ما ظلوا أوفياء للدولة التي رعتهم.

لا يكون الانتماء إلا بالتوزيع العادل للموارد، فكيف يشعر شاب بالانتماء وهو لا يستطيع تأمين قسط جامعته، وهو ما يعادل ما يدفع شهريا لطفل في رياض الأطفال في مدرسة خاصة؟

قصارى القول: إننا في الأردن بحاجة إلى طرح أسئلة جوهرية فلسفية حول التعليم في بلادنا، ولدينا من الخبراء الذين صنعوا التعليم في أكثر من بلد عربي من يجيبون عن الأسئلة المقلقة جدا، إجابات تغنينا عن الاستعانة بالشركات الاستشارية، أدعوا إلى إجابات جادة شريطة عدم استخدام “البور بوينت”.

لست متشائما، وأعتقد أن مشكلة التعليم عندنا قابلة للإصلاح أكثر من باقي المشاكل، شريطة الاعتراف بوجودها ابتداء. والمشكلة الأساسية أن التعليم الحكومي الذي تلتزم الدولة دستوريا بتأمينه لمواطنيها في مرحلة التعليم الأساسي لا يحقق العدالة ولا المساواة بين أبناء البلد. فالقادرون هم من يستطيعون إدخال أولادهم في مدارس خاصة تضمن لهم تعليما يمكنهم من اكتساح أقرانهم ومن هم أذكى منهم ممن لا يجدون غير مدارس الحكومة.

التعليم ليس للقادرين؛ انه من أبسط واجبات الدولة تجاه مواطنيها، وإن كانت الدولة تتفاخر بأن المنافسة بالنوع وليست بالكم، عليها أن تقدم مدارس نوعية للطلاب المتفوقين غير القادرين. وإلا سنجد في المستقبل جيلا من القادرين المبدعين المتحكمين في كل شيء بجوار جيل من المبدعين المحبطين اليائسين الساخطين الذين لا يملكون شيئا.

من حق القادرين أن يدخلوا أولادهم في مراحل رياض الأطفال في مدراس تكلف شهريا ما يصل إلى خمسمائة دينار، وهي لا شك تقدم خدمة تعليمية كفيلة بتطوير مهارات الطفل وتهيئته لدخول المدرسة. الطالب العادي بالمال يصبح أكثر من عادي، أما المبدع فتكفل له المدرسة الحديثة المرتفعة الأقساط فضاء للتعبير عن إبداعه. أما من لا يملك المال فيتحول من عادي إلى واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة والمبدع يتحول إلى عادي.

رعاية الدولة للمبدعين الفقراء ليس منة منها بل هي واجبها لتحقيق العدالة والفرص المتكافئة بين مواطنيها. وإلا فإنها ستكرس شقاقا اجتماعيا بين من يملكون ومن لا يملكون. تستطيع الدولة التشارك مع المجتمع في تحمل المسؤولية. فالمدارس الخمسة نجوم بالإمكان إلزامها من خلال شروط الترخيص بتأمين منح للطلاب المبدعين غير القادرين.

يسهل التنصل من مسؤولية الدولة في قطاع التعليم، الحجة جاهزة: انه القطاع الخاص الذي يعمل وفق آلياته الخاصة به من دون تدخل من الدولة. وبحسب إمكانياتها لن تقصر الدولة مع مواطنيها، هذه الحجة لا يجرؤ من نمت في أرضهم بذرة الرأسمالية على قولها، ففي الغرب الدول مسؤولة عن الرعاية التعليمية، ولو كان التعليم في الغرب مثل ما يراد لبلادنا أن تكون لما تمكن من تحقيق نهضته الصناعية.

الدولة في الغرب ترعى المبدعين في كل العالم لأنها تتعامل معهم باعتبارهم مستوردات عالية القيمة، وبمنطق السوق على البلدان المنتجة أن ترعى صادراتها. المؤسف أن كلاما كثيرا يقال حول ترتيب أولويات الدولة وجعل التعليم في صدارتها لكن ما نراه أن الأولوية هي تصدير الاستثمار والتعامل معه مجردا من أبعاده الإنسانية والاجتماعية. وكأن الأردن هونج كونج أو دبي.

ليست المسألة لعبا، حالنا في مراحل تأسيس الدولة أفضل حالا في “نوعية” التعليم، وإن كانت “كمية” التعليم لا تقارن. رؤساء الجامعات  وعمداء الكليات والبحث العلمي وكبار الأطباء وأرفع كوادر الدولة ممن درسوا في أرقى الجامعات الغربية لم يكونوا أبناء شريحة اجتماعية طارئة، كانوا يمثلون الأردن بضفتيه آنذاك بقراه وبواديه ومخيماته ومدنه. وعندما عادوا من مغترباتهم كانوا يشعرون منتمين للبيئات الفقيرة المحترمة التي أنتجتهم بقدر ما ظلوا أوفياء للدولة التي رعتهم.

لا يكون الانتماء إلا بالتوزيع العادل للموارد، فكيف يشعر شاب بالانتماء وهو لا يستطيع تأمين قسط جامعته، وهو ما يعادل ما يدفع شهريا لطفل في رياض الأطفال في مدرسة خاصة؟

قصارى القول: إننا في الأردن بحاجة إلى طرح أسئلة جوهرية فلسفية حول التعليم في بلادنا، ولدينا من الخبراء الذين صنعوا التعليم في أكثر من بلد عربي من يجيبون عن الأسئلة المقلقة جدا، إجابات تغنينا عن الاستعانة بالشركات الاستشارية، أدعوا إلى إجابات جادة شريطة عدم استخدام “البور بوينت”.

هل تريد التعليق؟